مدونة  اسرار

TV اسرار


-

-


الارشيفات



ابحث في المدونة

تعليق العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على اتجاه الحكومة السويسرية لسن قانون يحظر بناء المآذن


وثائق وبيانات
فقد أحزنني نتيجة الاستفتاء في سويسرا، الناتج عن الدعاية اليمينية المتطرفة ضد المسلمين، لتخويف الأوربيين من الإسلام، رغم أننا منذ شبابنا ونحن نعلم عن سويسرا أنها بلد الحياد والأمان والحرية - يفر إليها المضطهدون في

بلادهم - وأنها لا تعارض أيَّ دين، وفيها وقعت اتفاقية الأسرى، وقد أُنشئ من قديم في مدينة جنيف بسويسرا أكثر من مسجد ومركز إسلامي، كانت رسول سلام ومودَّة بين سويسرا والمسلمين في أنحاء العالم.

ولهذا من الغريب أن تثار ضجة حول بناء المآذن في مساجد سويسرا، وغريب أيضا أن تنجح دعاية اليمين المتطرف في حمل السويسريين على التصويت لقرار المنع، بدعوى أنها دفاع عن الهُويَّة المسيحية، أو المسيحية اليهودية للمجتمع السويسري، رغم معارضة الحكومة، والمجلس النيابي لهذا الاتجاه.

والمسلم في سويسرا وغيرها يستطيع أن يصلِّي في مسجد بغير مئذنة، ولكنه إذا علم أنه مُرغم على ذلك، وأن القانون يحظر ذلك عليه، وأنه فعل ذلك عداوة له، سيؤذيه ذلك وينغص عليه، وسيشعر أنه عنصر غريب في هذا البلد، وأنه مرفوض من أهله، وسيؤثِّر ذلك حتما بالسلب على ولائه للوطن.

وهذا ليس من مصلحة أيِّ مجتمع، أن يحسَّ بعض مواطنيه أنهم غير مرغوب فيهم، وخير من هذا: أن نؤيِّد كلَّ ما يدعو إلي ثقافة الحبِّ لا البغض، والحوار لا الصدام، والتعارف لا التناكر، والاندماج لا الانفصام.

والإسلام ينظر إلي البشرية جميعا أنهم عائلة واحدة، منتسبون من جهة الخلق إلي ربٍّ واحد، ومن جهة النسب إلي أب واحد. "كلُّكم لآدم، وآدم من تراب". وخصوصا أهل الكتاب.

والأقليات المسيحية في العالم الإسلامي لها كنائسها التي يعتبر بعضها قلاعا شامخة، وبروجها تناطح السحاب، ومنهم وزراء ووكلاء وزارات وغير ذلك من المناصب العليا.

وقد كنت وجهت نداء للناخب السويسري عبر موقع الإذاعة السويسرية على الإنترنت: أن يستجيب لنداء دعاة التسامح والمحبة والمساواة، وتوفير الحرية الدينية للجميع، إلا أن اليمين المتطرف استطاع أن يحشد الأغلبية - وإن كانت غير كبيرة - لصالح المنع. وقد صوت نسبة 42% ضد قرار المنع، رغم الدعاية المكثفة.

ورسالتي إلى الأقلية المسلمة في سويسرا، والأقليات المسلمة في أوربا: أن يتعاملوا مع المجتمع على أنهم جزء منه لا يتجزأ، وأن يعطوا الوطن الذي يعيشون فيه ولاءهم بإخلاص، ويعملوا بإتقان وأمانة لرفعته، ولا يبالوا بهؤلاء المهيِّجين والمحرِّضين على البغض، بل يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويحاوروهم بالتي هي أحسن كما علمهم القرآن. ولا ييئسوا من إقناعهم، وإذا أسيئ إليهم سامحوا من أساء إليهم، كما قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34].

كذلك أدعو الأقلية المسلمة في سويسرا إلى المناضلة بالوسائل البرلمانية والقانونية، والقضائية المشروعة، أمام المحاكم الفيدالية والدولية، وهيئات حقوق الإنسان، لإلغاء هذا القرار. وإلى أن يتحقق هذا الهدف، فهناك من صور الفن الإسلامي القديم والحديث ما يجعل من المسجد بناء مميزا بالقباب والزخارف الإسلامية.

والحمد لله رب العالمين.









نقط هذا المقال


تعليق جديد








بحث مخصص