مدونة  اسرار

TV اسرار


-

-


الارشيفات



ابحث في المدونة

شركة امريكية تنتج مراحيض على ظهرها الشهادتان
لا حول ولا قوة الا بالله..
قامت شركة امريكيه تنتج المراحيض بصناعة مرحاض
كتب على ظهره الشهادتين

وقال متحدث من الشركه المصنعه واسمها كراب كينج بان ( التصميم الجديد سيكون قادرا على شفط القران عند القائه في المرحاض وليس كما حدث في جوانتاامو عندما القي في المرحاض ولم يشفط سريعا )

اهناك اقذر من هذا؟
اهناك تعصب وكره ووساخة اكثر من هذه؟
هذا اوسخ والعن الف مره مما فعلته الصحيفه الدانمركيه......
فماذا نحن فاعلون مع هؤلاء الخنازير؟

ابعد هذا سيشتري اي منا ولو بقيمة حبة رمل اي شيئ مصنوع في امريكا؟
قاطعوهم...
قاطعوهم...
قاطعوهم...
حسبي الله ونعم الوكيل
لا تعليق
خليكم نايمين في عسل يا عرب

نقط هذا المقال

 تحريم الإسلام لتناول لحم الخنزير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل هناك وجه ارتباط بين تحريم الإسلام لتناول لحم الخنزير وبين مرض أنفلونزا الخنازير , وما هي الحكمة من تحريم لحم الخنزير وما طرق الوقاية من هذا المرض وغيره ؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً:
التعريف بالمرض
أنفلونزا الخنازير H1N1 هو أحد أمراض الجهاز التنفسي التي يسببها فيروسات أنفلونزا تنتمي إلى أسرة أورثوميكسوفيريداي (بالإنجليزية: Orthomyxovirida) التي تؤثر غالباً على الخنازير ، وهذا النوع من الفيروسات يتسبب بتفشي الأنفلونزا في الخنازير بصورة دورية ، وفيروسات أنفلونزا الخنازير تؤدي إلى إصابات ، ومستويات مرتفعة من المرض ، وتبقى فيروسات الأنفلونزا منتشرة ضمن الخنازير على مدار العام ، إلا أن معظم حالات الانتشار الوبائية ضمن الخنازير تحدث في أواخر الخريف ، والشتاء ، كما هو الحال لدى البشر .
وأنفلونزا الخنازير هو الاسم الدارج لمرض أنفلونزا وبائي ناتج عن الإصابة بفيروس الأنفلونزا ( أ ) الذي يصيب كلاًّ من البشر ، والطيور ، والخنازير، وقد تميز النوع الذي يصيب الخنازير بقدرته على إصابة أنواع أخرى ، كالبشر , شأنه شأن جميع أنواع فيروسات الأنفلونزا ، ويتغير فيروس أنفلونزا الخنازير باستمرار ، وله القدرة على التحور للهرب من الجهاز المناعي .
يمكن للخنازير أن تصاب بكل من فيروسات أنفلونزا الطيور ، والأنفلونزا البشرية ، فعندما تصيب أنواع مختلفة من فيروسات الأنفلونزا الخنازير : تنشأ احتمالية أن تقوم هذه الفيروسات بتبادل الجينات بحيث تظهر فيروسات جديدة هي ناتج مزيج من فيروسات أنفلونزا الخنازير ، والطيور ، والبشر , وقد ظهرت أشكال مختلفة من فيروسات أنفلونزا الخنازير على مر السنين .
إن النوع H1N1 من فيروس أنفلونزا الخنازير هو سليل لفيروس الأنفلونزا الإسبانية الذي حصد ما بين 20 - 100 مليون إنسان ما بين عامي 1918م و 1920 م عقب الحرب العالمية الأولى ، ويعتبر فيروس الأنفلونزا ( أ ) ذو النوع (H1N1) من أكثر الفيروسات صعوبة في دراسته لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع ، هرباً من تكوين أجسام مضادة له في الأجسام التي يستهدفها ، ويقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى ثلاثة أعوام ، وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه ، ونحو تحويراته الطفيفة ، ويقوم فيروس أنفلونزا الخنازير بعمل تحوير كبير : يمكنه من الهرب من جهاز المناعة ، مسبّباً حدوث جائحة تجتاح العالم كل عدة سنوات .
تصيب فيروسات أنفلونزا الخنازير البشر حين يحدث اتصال بين الناس وخنازير مصابة ، وتحدث العدوى أيضاً حين تنتقل أشياء ملوثة من الناس إلى الخنازير ، ويمكن أن تصاب الخنازير بأنفلونزا البشر ، أو أنفلونزا الطيور ، وعندما تصيب فيروسات أنفلونزا من أنواع مختلفة الخنازير : يمكن أن تختلط داخل الخنزير ، وتظهر فيروسات خليطة جديدة .
ويمكن أن تنقل الخنازير الفيروسات المحورة مرة أخرى إلى البشر ، ويمكن أن تنقل من شخص لآخر ، ويعتقد أن الانتقال بين البشر يحدث بنفس طريقة الأنفلونزا الموسمية عن طريق ملامسة شيء ما به فيروسات أنفلونزا ، ثم لمس الفم ، أو الأنف ، ومن خلال السعال ، والعطس .
" موسوعة " ويكيبيديا " ، بتصرف .

ثانياً:
صفات الخنزير ما يسببه من أمراض
الخنزير : حيوان عشبي ، لاحم ، خبيث الطبع ، تجتمع فيه صفات السباع اللاحمة ، وصفات البهائم العشبية ، وهو حيوان نهم ، كانس ، يكنس الحقل ، والزريبة ، ويأكل كل شيء ، فيأكل القمامات ، ويأكل الفضلات ، بما في ذلك فضلاته البرازية ، كما يأكل القاذورات ، والديدان ، وكل النجاسات ، فيأكل الجرذان ، والفئران ، والجيف المتعفنة، وحتى جيف أقرانه .
تضع أنثى الخنزير ما بين 3 - 12 خنوصاً في كل مرة , ويمكنها أن تلد ثلاث مرات في السنة ، ويتراوح معدل الإنجاب لأنثى الخنـزير الواحدة 15 - 30 خنوصاً في العام الواحد , وتحتاج الأنثى 21 بوماً لإرضاع صغارها ، و 5 أيام للعودة إلى دورة الشبق .
والخنزير حيوان سريع النمو ، فهو يزن عند الولادة حوالي 2 كلغ ، لكن ّ وزنه يتضاعف أكثر من 50 مرة , ليصل في غضون ستة أشهر إلى قرابة 112 كلغ ، ويرجع سبب هذا النمو السريع إلى الزيادة الكبيرة في إفراز هرمون النمو عند الخنزير .
الأمراض التي ينقلها الخنـزير للإنسان :
يبلغ عدد الأمراض التي تصيب الخنـزير 450 مرضاً , منها 57 مرضاً طفيليّاً ، تنتقل منه إلى الإنسان ، وبعضها خطير ، بل وقاتل ، ويختص الخنزير بمفرده بنقل 27 مرضاً وبائيّاً إلى الإنسان ، وتشاركه بعض الحيوانات الأخرى في نقل بقية الأمراض ، لكنه يبقى المخزن ، والمصدر الرئيسي لهذه الأمراض ، هذا عدا عن الأمراض الكثيرة التي يسببها أكل لحمه ، كتليف الكبد ، وتصلب الشرايين ، وضعف الذاكرة ، والعقم ، والتهاب المفاصل ، والسرطانات المختلفة .
أولاً: البريونات (Prions).
1. مرض " جنون البقر " ، يسبب هذا المرض الفتاك أجساماً بروتينية صغيرة تسمَّى " البريونات " , وهذه الأجسام لها قدرة على إحداث أمراض خطيرة للحيوانات ، وللبشر أيضاً , ومصدر الخطورة يكمن في قدرة البريونات على تغيير شكل البروتينات الطبيعية الموجودة في خلايا مناطق حساسة - كالدماغ مثلاً - وتحويلها إلى بريونات , مسببة تلف الدماغ , فالجنون ، ثم الموت .

ثانياً: الفيروسات (Viruses).
يصيب الخنـزير مجموعة كبيرة من الفيروسات ، منها ما تنقله الخنازير إلى الإنسان ، فيسبب له أمراضاً فيروسية خطيرة ، مثل :
1. فيروس الأنفلونـزا ، لقد تمّ عزل فيروس الأنفلونزا من عينات أخذت من الإنسان ، والخيل ، والخنازير ، والطيور الداجنة والبرية ، وحتى من بعض الثديات البحرية ، وكان أخطر وباء أصاب العالم من هذه الأنفلونزا : الوباء الذي حدث عام 1918م ، وأطلق عليه آنذاك اسم " الإنفلونزا الإسبانية " ، فقد تفشى هذا الوباء في شتى أنحاء المعمورة , مخلِّفاً وراءه ملايين الجثث ، وناشراً الذعر ، والهلع في كل مكان .
ويذكر أنّ وباء الإنفلونزا الذي لم يشهد القرن العشرين له مثيلا في الحدة والانتشار : أدى إلى إزهاق أكثر من 20 مليون نسمة خلال عامي 1918-1919م ، وأنّه حصد في الولايات المتحدة أرواح 550 ألف نسمة خلال عام واحد ، أغلبهم من الشباب ، وهو ما يوازي عشرة أضعاف الأمريكان الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى .
2. فيروس نيبا (Nipah virus) ، في عام 1998م عالج الأطباء في ماليزيا 300 إصابة بما يشبه أعراض الإنفلونزا ، سرعان ما توفي 117 مريضاً منهم بفيروس " نيبا " الغامض ، وأصيب العشرات منهم بتلف دماغي , ويعتقد الأطباء الماليزيون أنّ الفيروس الخطير ربما انتقل من خفاش الفواكه إلى الخنازير ، ومنها إلى الإنسان ، حيث أظهرت المتابعات الطبية أنّ جميع المصابين بالمرض كانت تربطهم علاقة قوية بالخنازير ، مما حدا بالدوائر الصحية في ماليزيا إلى قتل مليون خنزير .
3. فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس/SARS coronavirus) ، وهذا مرض فيروسي قاتل ، فقد ذكرت التقارير أنّ المرض ظهر أولاً في الصين ، وأنّ 30 % ممن أصيب بالمرض في بداية الأمر كانوا من المتعاملين بالأطعمة ، وأنّه تمّ عزل الفيروس من الأفاعي ، والخنازير البرية ، والقردة ، والخفافيش , والصين هي أكبر مستهلك للخنازير على وجه الأرض , إذ يبلغ استهلاكها نصف استهلاك العالم ، ولذلك ربط العلماء بسبب ذلك بين الخنزير وبين هذا المرض القاتل .
وفي " الموسوعة العربية العالمية " :
يوجد في العالم نحو مليار رأس من الخنزير ! يمتلك الصينيون نحو نصفها ، وتحتل الولايات المتحدة المركز الثاني في إنتاج الخنازير ، والبرازيل أكبر منتج للخنازير في " أمريكا الجنوبية " .
انتهى
4. فيروس الحمى القلاعية (Foot & Mouth Disease) ، يُذكر أنّ مرض الحمى القلاعية انتشر عام 1997 في جزيرة تايوان برمتها ، في أقلّ من شهرين ، وطالت آثاره المدمرة 6000 مزرعة ، وأسفر عن ذبح 3.8 مليون خنزيراً ، ومن المعروف علميّاً أنّ المرض ينتقل من الخنازير إلى الإنسان .
5. فيروس مرض الكلب (Rabies virus) ، هذا الفيروس يصيب الحيوانات آكلة اللحوم ، وينتقل منها بواسطة العض إلى الحيوانات الأخرى بما في ذلك الإنسان ، والخنزير من الحيوانات المفترسة التي تأكل الجرذان ، والجيف ، لذا فهو عرضة لهذا المرض ، والناس الذين يربون الخنازير ، أو يأكلون لحومها ومنتجاتها : أيضاً معرَّضون للإصابة بداء الكلب .
وهذه أمثلة , وإلا فحجم الفيروسات التي ينقلها الخنزير أكثر من ذلك .

ثالثاً: البكتيريا (Bacteria).
يصيب الخنـزير مجموعة كبيرة من البكتيريا ، حيث تنتقل منها إلى الإنسان ، مسببة له أمراضاً خطيرة ، بل وقاتلة ، ومن أنواع هذه البكتيريا :
= بكتيريا الحمى المالطية (Brucellosis) ، تسبب مرض الحمى المالطية ثلاثة أنواع من البكتيريا ، ولكنّ أخطر الثلاثة هو النوع الذي يصيب الخنازير (Brucella suis) ، إذ إنّه يسبب للمصابين به من بني البشر التهاب السحايا ، التهاب عضلة القلب ، التهاب المفاصل ، تورم الطحال ، وغير ذلك من الأمراض الخطيرة .

رابعاً: الأوليات - وحيدة الخلية- (Protozoa).
ينقل الخنـزير للإنسان مجموعة من الكائنات الأولية ، بعضها يحدث اضطرابات خفيفة له ، والبعض الآخر يسبب أمراضاً خطيرة ، ومميتة ، وسنذكر أبرز الأمراض التي تسببها هذه الأوليات ، ودور الخنزير في نقلها إلى الإنسان :
1. الزحار البلنتيدي/ الزقي (Balantidial Dysentery) ، الطفيلي المسبب لهذا المرض هو نوع من الأوليات الهدبية ( لها أهداب ) ، يعرف بـ (Balantidium coli). وهو أكبر الأوليات التي تصيب الإنسان ، وهو النوع الوحيد من الأوليات الهدبية التي تصيب الإنسان ، كما إنّه من طفيليات الأمعاء الغليظة ( القولون ) في الخنازير ، والقردة ، وبخاصة الشمبانزي ، ولأنّ فرص اتصال الإنسان بالقردة ضئيلة : فتبقى الخنازير من الناحية العملية المصدر الوحيد لعدوى الإنسان .
2. داء النوم الإفريقي (African Sleeping Sickness). الطفيلي المسبب لهذا الداء الفتاك هو (Trypanosoma gambiense) ، تنقل هذا الطفيلي ذبابة " التسي ، تسي " بطريق الحقن ، وذلك عندما تلدغ الإنسان ، يسبب الطفيلي اضطراباً دماغيّاً ، لا يلبث أن يتطور إلى مرض النوم ، وفي حال إهمال معالجة المريض : فإنّه يدخل في غيبوبة ، ويموت .
3. مرض شاغاس (Chagas’ Sickness).

خامساً: الديدان المفلطحة (Trematoda).
ينقل الخنـزير للإنسان عدداً من الديدان المفلطحة ، غالبيتها يسبب له اضطرابات خطيرة . وأهم الديدان التي ينقلها الخنزير إلى الإنسان هي :
1. البلهارسيا اليابانية (Schistosoma japonicum) ، تصيب البلهارسيا أكثر من 200 مليون نسمة , ويموت بسببها قرابة المليون شخص سنوياً.
2. الدودة المتوارقة البسكية (Fasciolopsis buski) ، وهي من الديدان المعوية – الكبدية - والخنزير هو العائل الرئيس لنشر العدوى ، وتعيش الديدان البالغة في الأمعاء محدثة التهابات موضعية ، ونزوف ، وتقرحات في جذر المعي الدقيق ، وتتسبب في حدوث إسهال مزمن ، وفقر دم وقد تحدث استسقاء البطن مؤدية إلى الوفاة.
3. الدودة الكبدية الصينية (Chlonorchis sinensis) ، تنتشر الدودة الكبدية الصينية في بلدان الشرق الأقصى ، كاليابان ، والصين ، والخنزير : العائل الرئيس لها ، تعيش هذه الديدان في القنوات الصفراوية الكبدية ، حيث تتكاثر بأعداد كبيرة ، وإذا ما كثرت أعدادها عند المصاب : أحدثت تضخماً في الكبد ، وإسهالاً مزمناً ، ويرقاناً شديداً ينتهي بالوفاة .

سادساً: الديدان الشريطية (Cestoda).
ينقل الخنـزير للإنسان أنواعاً متعددة من الديدان الشّيطية، بعضها بالغ الخطورة على حياته، والبعض الآخر يسبب له اضطرابات تتراوح ما بين الخفيفة ، والشديدة .
وأهم الديدان الشريطية التي ينقلها الخنزير إلى الإنسان هي :
1. الدودة الشريطية المسلحة - تينيا سوليوم - (Taenia solium) ، والمشهورة أيضاً بالدودة الوحيدة ، يعيش طورها البالغ في أمعاء الإنسان ، ويبلغ طولها من 2- 3 متراً ، لها رأس أصغر من الدبوس مزود بأربع ممصات ، ويطوق قمته طوق من الأشواك ، يلي الرأس عنق قصير ينمو منه باستمرار قطع أو أسلات صغيرة تنمو كلما بعدت عن الرأس مكونة شريطا يحتوي أكثر من 1000 قطعة .
2. الدودة الشريطية العوساء العريضة (D. latum) ، يصاب الإنسان بالطور البالغ لهذه الدودة التي تعتبر واحدة من الديدان المعوية ، وييلغ طول الدودة البالغة 10 أمتار ، وتستطيع أن تضع عدداً هائلا من البيوض ، يصل إلى مليون بويضة كل يوم .
3. ثعبان البطن الخنزيري (Ascaris suum) ، تعيش الديدان البالغة في أمعاء الخنزير ، حيث تضع بيوضها ، التي تخرج مع البراز إلى البيئة الخارجية ، وإذا ما دخلت هذه البيوض جسم شخص ما - بطريق مخالطة الخنازير - : فإنها تفقس ، وتخرج منها يرقات ، تخترق جدار الأمعاء ، تمّ تسير محمولة مع الدم حتى تصل الرئتين ، فتثقب الأوعية الدموية ، وتموت داخل الرئتين ، مسببة الالتهاب الرئوي الإسكاريسي الذي يعتبر من الأمراض القاتلة .
4. ثعبان البطن أو الإسكارس (Ascaris lumbricoides).

سابعاً: أمراض جسمانية غير طفيلية .
يحتوي لحم الخنزير على أنواع عديدة من المركبات الكيميائية الضارة ، التي لا تتناسب ، ولا تنسجم مع مركبات جسم الإنسان ، وبالتالي فهي تسبب له أمراضاً ، وعللاً متنوعة ، تزداد وطأتها كلما تزايد استهلاك الشخص للحوم ومنتجات الخنـزير .
وسنعرض في هذه العجالة إلى بعض هذه الأمراض .
1. السرطانات ، يحتوي جسم الخنـزير كميات كبيرة هرمون النمو (Growth Hormone) والهرمونات المنمية للغدد التناسلية (Gonadotrophins) ، وهذا يفسر سرعة نموه الهائلة ، وسرعة بلوغه العجيبة ، فوزن الخنوص يتضاعف أكثر من 50 مرة خلال فترة قياسية تبلغ 6 أشهر ! وتصبح الأنثى قادرة على الحمل بعد 4 أشهر فقط من ولادتها ! لذا تزداد الإصابة بالسرطان لدى آكلي لحم الخنزير ، فقد بينت الدراسات وجود علاقة قوية بين استهلاك لحم الخنزير وسرطان الأمعاء الغليظة والمستقيم ، وسرطان البروستاتا ، وسرطان الثدي ، وسرطان البنكرياس ، وسرطان عنق الرحم ، وبطانة الرحم ، وسرطان المرارة ، وسرطان الكبد .
2. السمنة ، وأمراض الشرايين ، والقلب , يوجد الدهن متداخلا مع خلايا لحم الخنزير بكميات كبيرة ، خلافا للحوم البقر ، والغنم ، والدجاج .
3. التهاب المفاصل .
4. الأمراض التحسسية .
وهذا شيء يسير مما يسببه تناول لحم الخنزير والاختلاط به .
وما سبق منقول عن مقال بعنوان " الإعجاز الطبي الإسلامي في تحريم الخنزير " على شبكة الإنترنت ، بتصرف .

ثالثاً:
أدلة تحريم الخنزير
قرر العلماء أن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ ضروريات خمس , ومن هذه الضروريات : حفظ النفس , ولذلك حرم الله تعالى تناول كل ما يؤذي الإنسان ويسبب له الضرر .
وجاءت الشريعة ببيان ما يحل ، وما يحرم ، من الأطعمة ، والأشربة , والقاعدة في ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِث ) الأعراف/ 157 .
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) البقرة/ 168 .
ومن الخبائث التي حرمها الله : لحم الخنزير .
1. قال تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .[البقرة:173].
2. قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) المائدة/ 3 .
3. قال تعالى : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيم ) الأنعام/ 145 .
ومما جاء في السنة في ذلك :
1. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ ، وَهُوَ بِمَكَّةَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ ) ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ ، فَقَالَ : ( لاَ ، هُوَ حَرَامٌ ) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ : ( قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ ) .
رواه البخاري ( 2121 ) ومسلم ( 1581 ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قال جمهور العلماء : العلة في منع بيع الميتة ، والخمر ، والخنزير : النجاسة ، فيتعدى ذلك إلى كل نجاسة .
" فتح الباري " ( 4 / 425 ) .
2. عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ الْخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ ) .
رواه أبو داود ( 3485 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود " .
3. عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ) .
رواه مسلم ( 2260 ) .
قال النووي - رحمه الله - :
وَمَعْنَى ( صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه ) فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا ، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا .
" شرح مسلم " ( 15 / 15 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وهذا المعنى نبَّه عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله : ( مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ) فإن الغامس يده في ذلك : يدعوه إلى أكل لحم الخنزير ، وذلك مقدمة أكله ، وسببه ، وداعيته ، فإذا حرَّم ذلك : فكذلك اللعب الذي هو مقدمة أكل المال بالباطل ، وسببه ، وداعيته .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 226 ) .
أقوال العلماء في لحم الخنزير :
قال الطبري - رحمه الله - :
أمّا لحم الخنزير : فإن ظاهره كباطنه ، وباطنه كظاهره ، حرام جميعه ، لم يخصص منه شيء .
" تفسير الطبري " ( 9 / 493 ) .
وقال القرطبي - رحمه الله - :
وقوله تعالى : ( وَلَحْم الخنزير ) خص الله تعالى ذكر اللحم من الخنزير : ليدل على تحريم عينه ، ذُكّي ، أو لم يُذكَّ ، وليعم الشحم , وما هنالك من الغضاريف ، وغيرها .
وقال – رحمه الله - :
أجمعت الأمّة على تحريم شحم الخنزير .
وقد استدل مالك وأصحابه على أن من حلف ألا يأكل شحماً : فأكل لحماً : لم يحنث بأكل اللحم .
فإن حلف ألا يأكل لحماً فأكل شحماً : حنث لأن اللحم مع الشحم يقع عليه اسم اللحمر، فقد دخل الشحم في اسم اللحم ، ولا يدخل اللحم في اسم الشحم .
وقد حرم الله تعالى لحم الخنزير فناب ذكر لحمه عن شحمه ؛ لأنه دخل تحت اسم اللحم .
" تفسير القرطبي " ( 2 / 222 ) .
وقال ابن المنذر - رحمه الله - :
أجمع أهل العلم على أن بيع الخنزير ، وشراءه محرم .
وأجمعوا على تحريم ما حرم الله من : الميتة ، والدم ، والخنزير.
"الإجماع" (30)
وقال ابن حزم الظاهري - رحمه الله - :
لا يحل أكل شيء من الخنزير , لا لحمه , ولا شحمه , ولا جلده , ولا عصبه , ولا غضروفه , ولا حشوته , ولا مخه , ولا عظمه , ولا رأسه , ولا أطرافه , ولا لبنه , ولا شعره ، الذكر والأنثى، والصغير والكبير سواء ، ولا يحل الانتفاع بشعره ، لا في خرز , ولا في غيره .
" المحلى " ( 11 / 86 )
وقال ابن القيم - رحمه الله - :
والخنزير أشدُّ تحريماً من الميتة ؛ لأن فيه مضار كبيرة ، وهو ينقل أمراضاً لجسم الإنسان ، وأيضاً : له تأثير سيء على العفة ، والغيرة على الأعراض .
" زاد المعاد " ( 5 / 675 ) .

رابعاً:
نصوص أهل الكتاب على تحريم الخنزير واستخباثه
وفي التوراة والإنجيل التي بأيدي أهل الكتاب : نصوص ظاهرة في استخباث الخنزير، وتحريم أكله .
ففي كتاب العهد القديم :
1. " والخنزير ؛ لأنه يشق ظلفاً ، ويقسمه ظلفين ، لكنه لا يجتر ، فهو نجس لكم ، من لحمها لا تأكلوا ، وجثثها لا تلمسوا ، إنها نجسة لكم " .
" سفر اللاويين " ( 11 : 1 – 8 ) .
2. " لا تأكل رجساً ما . هذه البهائم التي تأكلونها ... لا تشق ظلفًا فهي نجسة لكم .
" سفر التثنية " ( 14 : 3 - 8 ) . وفي العهد الجديد :
1. " لا تعطوا القدس للكلاب ، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير " .
" إنجيل متى ( 67 ) .
2. " قد أصابهم ما في المثل الصادق كلب قد عاد إلى قيئه ، وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحمأة " .
" رسالة بطرس الرسول الثانية ( 2 : 22 ) .
3. " وكان هناك عند الجبال قطيع كبير من الخنازير يرعى . فطلب إليه كلُّ الشياطين قائلين : أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها . فأذن لهم يسوع للوقت ، فخرجت الأرواح النجسة ، ودخلت في الخنازير " .
" إنجيل مرقس " ( 5 / 11- 13 ) .

خامساً:
الحكمة من تحريم لحم الخنزير
1. الأصل أن الله تعبدنا بأحكام سواء عرفنا حكمته أم لا , ومع ذلك فإذا التمس العاقل الحكمة في النهي وجدها بينة .
سئل علماء اللجنة الدائمة عن الحكمة في تحريم أكل لحم الخنزير ؟ .
فأجابوا :
إن الله قد أحاط بكل شيء علماً ، ووسع كل شيء رحمةً ، وحكمةً ، وعدلاً ، فهو سبحانه عليم بمصالح عباده ، رحيم بهم ، حكيم في خلقه وتدبيره وشرعه ، فأمرهم بما يسعدهم في الدنيا والآخرة ، وأحل لهم ما ينفعهم من الطيبات ، وحرم عليهم ما يضرهم من الخبائث ، وقد حرم الله أكل الخنزير ، وأخبر بأنه رجس ، قال تعالى : ( قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) الأنعام/ 145 الآية ، فهو إذاً من الخبائث ، وقد قال تعالى : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) الأعراف/ 157 , وقد ثبت بالمشاهدة أن غذاءه القاذورات ، والنجاسات ، وأنها أشهى طعام إليه ، يتتبعها ، ويغشى أماكنها ، وقد ذكر أهل الخبرة أن أكله يولد الدود في الجوف ، وأن له تأثيراً في إضعاف الغيرة ، والقضاء على العفة ، وأن له مضارّاً أخرى ، كعسر الهضم ، ومنع بعض الأجهزة من إفراز عصارتها لتساعد على هضم الطعام ، فإن صح ما ذكروا : فهو من الضرر ، والخبث الذي حرم من أجله ، وإن لم يصح : فعلى العاقل أن يثق بخبر الله ، وحكمه فيه ، بأنه رجس ، ويؤمن بتحريم أكله ، ويسلم الحكم لله فيه ، فإنه سبحانه هو الذي خلقه ، وهو أعلم بما أودعه فيه ، ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) المُلك/ 14 .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 22 / 274 ، 275 ) .
2. ثبت أن للطعام المتناول تأثيراً على الطباع البشرية .
يقول الفخر الرازي - رحمه الله - :
قال أهل العلم : الغذاء يصير جزءاً من جوهر المغتذي ، فلابد أن يحصل له أخلاق ، وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء ، والخنزير مطبوع على حرص عظيم ، ورغبة شديدة ، في المشتهيات ، فحرم أكله لئلا يتكيف بتلك الكيفية .
" تفسير الرازي " ( 5 / 462 ) .
وقال ابن كثير - رحمه الله - :
وقال بعض العلماء : كل ما أحل الله تعالى : فهو طيب ، نافع ، في البدن والدّين ، وكل ما حرمه : فهو خبيث ، ضار ، في البدن والدّين .
" تفسير ابن كثير " ( 3 / 488 ) .
وقال ابن القيم - رحمه الله - :
الغاذي شبيه بالمغتذى ، في طبعه ، وفعله , وهذا كما أن حكمة الله سبحانه في خلقه فيه جرت حكمته في شرعه ، وأمره ؛ حيث حرم الأغذية الخبيثة على عباده لأنهم إذا اغتذوا بها صارت جزءا منهم ، فصارت أجزاؤهم مشابهة لأغذيتهم ؛ إذ الغاذي شبيه بالمغتذي ، بل يستحيل إلى جوهره ؛ فلهذا كان نوع الإنسان أعدل أنواع الحيوان مزاجاً لاعتدال غذائه , وكان الاغتذاء بالدم ولحوم السباع : يورث المغتذي بها قوة شيطانيّة ، سبعيّة ، عاديَة على الناس ، فمن محاسن الشريعة : تحريم هذه الأغذية ، وأشباهها ، إلا إذا عارضها مصلحة أرجح منها ، كحال الضرورة , ولهذا لما أكلت النصارى لحوم الخنازير : أورثها نوعاً من الغلظة ، والقسوة , وكذلك مَن أكل لحوم السباع ، والكلاب : صار فيه قوتها , ولمّا كانت القوة الشيطانية عارضة ، ثابتة ، لازمة لذوات الأنياب من السباع : حرّمها الشارع , ولما كانت القوة الشيطانية عارضة في الإبل : أمرَ بكسرها بالوضوء لمَن أكل منها , ولمّا كانت الطبيعة الحمارية لازمة للحمار : حرَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية , ولما كان الدم مَرْكب الشيطان ، ومجراه : حرَّمه الله تعالى تحريماً لازماً .
فمَن تأمل حكمة الله سبحانه في خلقه ، وأمره , وطبق بين هذا وهذا : فتحا له باباً عظيماً من معرفة الله تعالى ، وأسمائه ، وصفاته .
" التبيان في أقسام القرآن " ( ص 232 ) .
وقال ابن خلدون - رحمه الله - :
أكلت الأعراب لحم الإبل : فاكتسبوا الغلظة ، وأكل الأتراك لحم الفرس : فاكتسبوا الشراسة ، وأكل الإفرنج لحم الخنزير : فاكتسبوا الدياثة .

سادساً:
طرق الوقاية من المرض ، والعلاج منه
1. بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من الوسائل التي يدفع الإنسان بها المرض : أن يحمي نفسه من أسبابه ، فلا يتناول ما يسبب له المرض كأكل الميتة ، وشرب الدم ، ولذا كان المستجيب لأمر الله في منع نفسه من تناول ما حرّم الله عليه : أسعد الناس بعدم إصابته بالأمراض التي تصيب من تجرأ على تناوله .
2. ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء .
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ) .
رواه البخاري ( 5354 ) .
قال ابن حجر – رحمه الله - :
وفيها كلها إثبات الأسباب ، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله ، وبتقديره ، وأنها لا تنجع بذواتها ، بل بما قدّره الله تعالى فيها , وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدَّر الله ذلك , وإليه الإشارة بقوله في حديث جابر بإذن الله ، فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته , والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع ، والعطش بالأكل ، والشرب , وكذلك تجنب المهلكات , والدعاء بطلب العافية ، ودفع المضار ، وغير ذلك .
ثم قال :
والحاصل : أن حصول الشفاء بالدواء : إنما هو كدفع الجوع بالأكل ، والعطش بالشرب , وهو ينجع في ذلك في الغالب ، وقد يتخلف لمانع ، والله أعلم .
" فتح الباري " ( 10 / 135 ، 136 ) .
3. ذكر العلماء أن قواعد الطب ثلاثة ، وكلها ذكرها الله تعالى في القرآن .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
وذلك أن قواعد طب الأبدان ثلاثة : حفظ الصحة , والحمية عن المؤذي , واستفراغ المواد الفاسدة ، فذكر سبحانه هذه الأصول الثلاثة في هذه المواضع الثلاثة :
فقال في آية الصوم : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة/ 184 ، فأباح الفطر للمريض لعذر المرض , وللمسافر ؛ طلباً لحفظ صحته ، وقوته ؛ لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة , وما يوجبه من التحليل ، وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل ، فتخور القوة ، وتضعف ، فأباح للمسافر الفطر ؛ حفظاً لصحته ، وقوته عما يضعفها .
وقال في آية الحج : ( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) البقرة/ 196 ، فأباح للمريض ومَن به أذى من رأسه ، من قمل ، أو حكة ، أو غيرهما : أن يحلق رأسه في الإحرام ؛ استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر ، فإذا حلق رأسه : تفتحت المسام ، فخرجت تلك الأبخرة منها ؛ فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه .
والأشياء التي يؤذي انحباسها ، ومدافعتها عشرة : الدم إذا هاج ، والمني إذا تبيغ ، والبول ، والغائط ، والريح ، والقيء ، والعطاس ، والنوم ، والجوع ، والعطش .
وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبْسه داءٌ من الأدواء ، بحسبه .
وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها ، وهو البخار المحتقن في الرأس ، على استفراغ ما هو أصعب منه ، كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى .
وأما الحمية : فقال تعالى في آية الوضوء : ( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) النساء/ 43 ، فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب : حميةً له أن يصيب جسده ما يؤذيه ، وهذا تنبيه على الحمية عن كل مؤذ له من داخل ، أو خارج ، فقد أرشد سبحانه عبادَه إلى أصول الطب ، ومجامع قواعده .
" زاد المعاد " ( 4 / 6 ، 7 ) .
فبيَّن ابن القيم رحمه الله أن من أصول الطب الشرعية : الحمية عن الشيء المؤذي ، وتوكيداً لقول ابن القيم رحمه الله نقول : إن البلاد الإسلامية تخلو من الإصابة بمثل هذه الأمراض التي يسببها الخنزير ؛ لعدم أكلهم له ، ومخالطتهم به , ومن كان يأكله ، ويربيه من غير المسلمين في بلاد الإسلام : فهي عقوبة إلهية قد لا يسلم منها من لا يأكله ؛ لأن الأصل عدم السماح لهؤلاء الآكلين له بتلويث هواء هذه البلاد الإسلامية .
وفي ذلك شهادة الغرب على ذلك :
وقد نقل الدكتور " عبد الحافظ حلمي محمد " عنNoble) ) قوله : إن دودة الخنزير هذه تُحدث عدداً كبيراً من الإصابات الدماغية سنويّاً عند سكان المكسيك ، الذين اعتادوا تناول لحم الخنزير ، في حين يؤكد " لاباج وولكوكس " ، و " ماتسون " في كتابهما عن طب البلاد الحارة : أن هذه الدودة نادرة الوجود في البلاد الإسلامية .
أما " تشاندر " و " ريد " فذكرا في كتابهما عن علم الطفيليات ما نصه : " أما في البلاد اليهودية ، والإسلامية ، حيث يعد أكل لحم الخنزير خطيئة دينية كبيرة : فليس لهذا الطفيلي أدنى فرص للبقاء ، وهو دليل فاضح على فساد الأخلاق حين حدوثه ... " .
عن مقالة " العلوم البيولوجية في خدمة تفسير القرآن " مجلة " عالم الفكر " ( 12 / 4 ) .
4. الابتعاد عن أماكن الإصابة بهذا المرض , وعدم السفر من بلد انتشر فيه المرض .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال : خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّأْمِ ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَالَ عُمَرُ ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ ، فَدَعَاهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَاخْتَلَفُوا . فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ ، وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ ، فَقَالَ : ارْتَفِعُوا عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ : ادْعُوا لِي الأَنْصَارَ ، فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ ، فَقَالَ : ارْتَفِعُوا عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ ، فَدَعَوْتُهُمْ ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ ، فَقَالُوا : نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ ، وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ ، فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ : إِنِّي مُصَبِّحٌ عَلَى ظَهْرٍ ، فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ : أَفِرَاراً مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ ! ، نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ ، إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ ، وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ ، أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ ، وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ ، قَالَ : فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - وَكَانَ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي فِي هَذَا عِلْمًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ ) .
رواه البخاري ( 5397 ) ومسلم ( 2219 ) .
قال ابن حجر – رحمه الله - :
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : جَوَاز رُجُوع مَنْ أَرَادَ دُخُول بَلْدَة فَعَلِمَ أَنَّ بِهَا الطَّاعُون ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الطِّيَرَة ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَنْع الْإِلْقَاء إِلَى التَّهْلُكَة ، أَوْ سَدّ الذَّرِيعَة ... وَفِي الْحَدِيث أَيْضاً : مَنْع مَنْ وَقَعَ الطَّاعُون بِبَلَدٍ هُوَ فِيهَا مِنْ الْخُرُوج مِنْهَا .
" فتح الباري " ( 10 / 186 ، 187 ) .
وقال ابن القيم – رحمه الله - :
وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم للأمَّة في نهجه عن الدخول إلى الأرض التي هو بها , ونهيه عن الخروج منها بعد وقوعه : كمال التحرز منه ؛ فإن في الدخول في الأرض التي هو بها تعرضاً للبلاء , وموافاة له في محل سلطانه , وإعانة للإنسان على نفسه , وهذا مخالف للشرع ، والعقل ، بل تجنب الدخول إلى أرضه من باب الحمية التي أرشد الله سبحانه إليها ، وهي حمية عن الأمكنة ، والأهوية المؤذية .
وأما نهيه عن الخروج من بلده ففيه معنيان :
أحدهما : حمْل النفوس على الثقة بالله ، والتوكل عليه ، والصبر على أقضيته ، والرضى بها .
والثاني : ما قاله أئمّة الطب : أنه يجب على كل محترز من الوباء أن يُخرج عن بدنه الرطوبات الفضلية , ويقلل الغذاء , ويميل إلى التدبير المجفف من كل وجه إلا الرياضة والحمام ؛ فإنهما مما يجب أن يحذرا ؛ لأن البدن لا يخلو غالباً من فضل رديء كامن فيه ، فتثيره الرياضة ، والحمام ، ويخلطانه بالكيموس الجيد , وذلك يجلب علة عظيمة ، بل يجب عند وقوع الطاعون السكون ، والدعة ، وتسكين هيجان الأخلاط , ولا يمكن الخروج من أرض الوباء والسفر منها إلا بحركة شديدة , وهي مضرة جدّاً ، هذا كلام أفضل الأطباء المتأخرين ، فظهر المعنى الطبي من الحديث النبوي ، وما فيه من علاج القلب ، والبدن ، وصلاحهما ... .
ثم قال :
وفي المنع من الدخول إلى الأرض التي قد وقع بها عدة حكَم :
أحدها : تجنب الأسباب المؤذية ، والبعد منها .
الثاني : الأخذ بالعافية التي هي مادة المعاش ، والمعاد .
الثالث : أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن ، وفسد ، فيمرضون .
الرابع : أن لا يجاوروا المرضى الذين قد مرضوا بذلك ، فيحصل لهم بمجاورتهم من جنس أمراضهم ... .
الخامس : حمية النفوس عن الطيرة ، والعدوى ؛ فإنها تتأثر بهما ؛ فإن الطيرة على من تطير بها .
وبالجملة : ففي النهي عن الدخول في أرضه الأمر بالحذر ، والحمية , والنهي عن التعرض لأسباب التلف , وفي النهي عن الفرار منه : الأمر بالتوكل ، والتسليم ، والتفويض ، فالأول : تأديب ، وتعليم ، والثاني : تفويض ، وتسليم .
" زاد المعاد " ( 4 / 42 – 44 ) بتصرف .
والله سبحانه نسأله أن يحفظنا وإياكم وكل مسلم من هذا المرض .

والله أعلم

نقط هذا المقال

المسلم إنسان يثق دائما بنفسه , وهو يستمد ذلك من ثقته بربه وخالقه , فهو لا يهتز أمام العواصف والأعاصير , والمسلم الواثق بنفسه يتصف بصفات كثيرة منها :

1- يمارس فريضة التفكير :
خلق الله تعالى الإنسان وزوده بنعمة العقل والتفكير ، وحثه على زيادة النظر في الكون ، فهذا مفتاح من مفاتيح الإيمان والهداية ، وصفة من صفات أولى الألباب قال تعالى { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } سورة آل عمران آية : 191 .
ولقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تفكيراً وتأملاً فيما خلق الله تعالى ، وفى سير الماضين وهو الذي قال : ( لا عبادة كالتفكر ) وقال : ( إذا أراد الله بعبد خيراً جعل له واعظا من نفسه يأمره وينهاه ) رواه الديلمي في مسنده : كشف الخفاء ، جـ1 ، صـ81 . .
والإنسان العاقل وهو يمارس دوره في هذه الحياة لابد له من ممارسة التفكير ؛ وذلك حتى يكون قادراً على فهم دوره ، وإحسان ما يقوم به من عمل فتحسين التفكير كتحسين العمل والتصرف كتحسين كل هذه التطلعات والمطامع لا تتحقق ولا يبلغها المرء إلا بشئ واحد ووسيلة واحدة هي السيطرة على النفس .
والواثق من نفسه دائماً يعمل عقله فيما بين يديه ، ويمارس التفكير الصائب الواعي .

2- يعرف طريقه ويخطط لحياته :
الواثق من نفسه يعرف طريقه جيداً ـ ويخطط لكل أمور حياته ، ويحدد أهدافه بكل دقة ، فلا يدع غيره يفكر له ، ولا يترك نفسه للظروف ، لأنه هو الذي يصنعها وليست هي التي تصنعه ، ولقد وصف الله هؤلاء في كتابه الكريم فقال { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } سورة الملك : آية : 22 . .
ولنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة ، فقد كان يخطط لكل أموره ، فها نحن نراه في الهجرة الكريمة يحدد لكل واحد دوره وماذا يفعل ؟ وفى جميع غزواته كان ينظم جيشه ويحدد لكل قائد هدفه . وكل ما يصنعه الإنسان أو يمتلكه يبدأ في شكل من أشكال الرغبة وأن هذه الرغبة تبدأ رحلتها من المجرد إلى الملموس من خلال ورشة الخيال حيث تصنع وتنظم خطط تحويل الرغبة إلى مادة .
والإسلام العظيم لم يترك الإنسان يعيش حياته عبثاً ، بل أرشده إلى كل ما يصلح حياته من كافة النواحي ، الذاتية والعامة مادياً وروحياً وعقلياً وإنسانياً ، وكل ذلك من أجل أن يبذر فيه بذرة الثقة والثبات على المبدأ .

3- لا يسمح للقلق أن يدمر حياته :
القلق يفقد الإنسان سكينه النفس وأمنها ورضاها ، ويجعله يتحسر على ماضيه ، ويسخط على حاضره ، ويخاف من مستقبله ، والقلق يمارس نشر نشارة الخشب ، ويستسلم لآلامه وأحزانه وحسراته على ما فاته ، وكان أولى به أن يقول :

ما مضى فات ، والمؤمل غيب * * ولك الساعة التي أنت فيها

يقول صاحب كتاب " دع القلق " " لقد وجدت أن القلق على الماضي لا يجدي شيئاً تماماً كما لا يجد بك أن تطعن الطعين ، ولا أن تنشر النشارة وكل ما يجديك إياه القلق ، هو أن يرسم التجاعيد على وجهك ، أو يصيبك بقرحة المعدة " ، والقلق يهزم صاحبه قبل أن يبدأ المعركة ، فمن ظن أنه قد هزم فقد حزم حقاً ، ومن ظن أنه ليس مقداماً فلن يكون مقداماً ، ومن ظن أنه يفوز فلن يفوز أبداً .
ولا نقول بأن القلق شر كله بل إن القلق إحساس لا غنى عنه ولا استغناء ، إنه لازمة لابد منها ، إنه الحافز والموجه والمنبه ... ولكنه إحساس يجب أن نلجمه لئلا ينقلب إلى وحش مفترس . فالانفعالات المتضاربة التي ينبت منها القلق إن تركت حرة تعيث فساداً وتقضى على العاقل عاجلاً أو أجلاً.
لذا فإن الإسلام يرفض من المسلم نظرة اليأس والتشاؤم ، قال تعالى : { إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } سورة يوسف آية : 87 . وقال أيضاً : { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } سورة الحديد آية : 22- 23 .
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجاً يحتذي في عدم اليأس والأمل الكبير في الله عز وجل فعلى الرغم مما فعله معه كفار مكة من أذى وعناد وتعذيب ، ورفض وإنكار لدعوته ، إلا أن اليأس لم يتسرب إلى قلبه بل ظل واثقاً بنصر الله تعالى ، ويطمأن أصحابه بقوله : " لكنكم تستعجلون " ، وكان صلى الله عليه وسلم دائماً " يتفاءل ولا يتطير " رواه أحمد .
ويرفض أن يفتح المسلم على نفسه أبواب الشيطان بكلمة " لو " أو " ليت " ، وحذر صحابته من الاستسلام للهموم ، فقد رفض مسلك أحد صحابته بالجلوس في المسجد والاستسلام لهمومه وعلمه أن يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " ، وهو بذلك يريد أن يغرس بذور الأمل والتفاؤل في نفس المسلم حتى يواجه مصاعب الحياة بنفس مؤمنه واثقة وذلك لأن " الأمل متفائل بما يلقاه في الحياة مستبشر بأيامه القادمات ، يحمل ما يراه على المحمل الحسن ، وهذا يؤدى به إلى مزيد عطاء وانطلاقة خير " محمد أبو صعليك : الأمل وأثره في حياة الأمة ، صـ 25 ..
ولكي يبعد الإنسان عن نفسه منابع القلق والقنوت واليأس عليه أن يعيش في حدود يومه ، ولا يزحم رأسه بالقلاقل والأفكار المتشعبة والمستحيلة في بعض الأحيان " فكل ما تحتاج إليه من أجل النجاح هو فكرة واحدة معقولة قابلة للاستعمال ، فإن أهم نقاط الضعف في الجنس البشرى هي اعتياد الإنسان العادي على كلمة ( مستحيل ) فهو يعرف كل القواعد التي لا تنجح ويعرف كل الأمور التي لا يمكن تنفيذها ، ولقد أصاب النجاح كل الذين امتلاء وعيهم بالنجاح وكيفية تحقيقه ، أما الفشل فيصيب أولئك الذين يسمحون للفشل دون اكتراث أن يمتلك وعيهم. فاليأس والقلق عدوان للتفاؤل والثقة ولا يمكن لهما أن يجتمعا أبداً .

4- إيجابي .. يبادر ولا يتردد :
وصف الله تعالى أمة الإسلام بأنها خير أمة أخرجت للناس ، لأنها أمة إيجابية ، لا ترضى بغير الحق منهاجاً وطريقاً ، فلا ترى الباطل وتتطامن عنه ، ولا ترى الخير والمعروف ثم لا تتخذه شعاراً وسبيلاً ، قال تعالى :{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } سورة آل عمران آية : 110. ولقد ربى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على الايجابية وعدم السلبية فأمر المسلم بأنه إذا رأى منكراً بأن يغيره قدر استطاعته ( بيده ، أو بقلبه ، أو بلسانه ) لأنه مسئول وكل واحد مسئول عن نفسه وعمن يعول .
ولقد حذرنا - صلى الله عليه وسلم - من الإمعية فقال : " لا تكونوا إمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن ظلموا ظلمنا ، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا ألا تظلموا " رواه الترمذى وحسنه . .
ومن الايجابية أن يتحمل المسلم مسئولية كاملة نحو نفسه ومجتمعه وأمته ، ولا يكون كما قال الشاعر :

كريشة في مهب الريح طائرة * * لا تستقر على حال من القلق

ومن الايجابية أن يبادر المسلم ولا يتردد فإن من أشر الناس عند الله تعالى ذو الوجهين ، فالمتردد خائف وجل يفوت على نفسه فرص النجاح ، أما الواثق فهو دائماً يبادر ولا يخاف .
في غزوة بدر تقدم الحباب بن المنذر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما نزل المسلمون بأسفل بئر بدر فقال : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال : بل هو الرأي والحرب والمكيدة ، فقال : يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم منزلة ثم تغور ما وراءه من القلب ثم نبنى عليه حوضاً فنملؤه ماءً ثم نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله : لقد أشرت بالرأي ..." سيرة ابن هشام ن جـ2 ، صـ197 – 198.
فالحباب إنسان مبادر ، اكتسب صفة المبادرة ، وهى صفة لا تليق إلا بالواثق ، فحينما تريد أن تكتسب عادة حسنة جديدة فعليك بالقناعة ثم الرغبة ثم ابدأ بقوة شديدة وعزيمة قوية ولا تتوان مرة واحدة عند إتباع العمل الجديد حتى ترسخ العادة الجديدة فيك بعد أن تصمم على العمل اغتنم أول فرصة وكل فرصة للقيام به . قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبى بكر الصديق – رضي الله عنه - : " ما عرضت الإسلام على أحد ، إلا كانت له كبوة عدا أبى بكر ؛ فإنه لم يتلعثم " .
يروى أنه حينما تولى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الخلافة جاءه وفد من اليمن للتهنئة بالخلافة وكان يتقدم هذا الوفد طفل صغير لا يتجاوز العاشرة من عمره فلما رآه عمر قال له : يا غلام تأخر وليتقدم من هو أكبر منك سنا ، فقال الغلام المبادر الواثق من نفسه ـ يا أمير المؤمنين ، إنما المرء بأصغريه قلبه ,لسانه ، فإذا أعطى المرء قلبا حافظاً ، ولساناً لافظاً فقد استحق الذكر وإذا كان الأمر كذلك – أي بالسِن - ففي المدينة من هو أكبر منك سِنا أولى بالخلافة منك " فأعجب به أمير المؤمنين وأنشده :

تعلم فإن المرء لا يولد عالماً *** وليس أخو علم كمن هو جاهلُ
وإن كبير القوم لا علم عنده *** صغير إذ التقت عليه المحافلُ

والإنسان الواثق المبادر ثابت على المبدأ لا يتزعزع ولا يتلون قال الشاعر :

إذا قلت في شئ نعم فأتمه * * فإن نعم دين على الحر واجبُ
وإلا فقل لا تسترح بها * * لئلا يقول الناس : إنك كاذبُ

وإيجابية المسلم يجعلها ديدنه لكل تصرفاته حتى مع الجمادات .
فعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال : " بينما رجل يمشى بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له " رواه البخارى ومسلم . .

5- طموح ذو همة عالية :
المسلم إنسان طموح ذو همة عالية ، وأمل عريض فهو يعلم " أن الله تعالى يحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها" رواه سهل الساعدى ..
وإن الكيس العاقل هو صاحب الهمة العالية الذي يدين نفسه ويعمل لما بعد الموت ، وأن العاجز هو الذي يتبع نفسه هواها ويتمنى على الله الأمانى .
ولقد أمرنا الله في كتابه الكريم بحسن الجهاد في الله فقال : " وجاهدوا في الله حق جهاده." سورة الحج آية : 78 . والجهاد لا يكون إلا من صفات صاحب الهمة العلية ، والمؤمن لا ترضى همته إلا بالجنة .
جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى صاحبته وأخذ يوزع عليهم الصدقات ، ويعطى كل واحد مسألته وكان يجلس بجواره ربيعة بن كعب الأسلمى ، وكان من أفقر الناس ، ولكنه لم يسأل النبي شيئاً فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - سلني يا ربيعة ، فقال : يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال يا ربيعة أعنى على نفسك بكثرة السجود " .
فهمة المؤمن في أعلى عليين ، وهمته في العلم والعمل سواء . قال عبد الرحمن الأوزاعي : ( إن المؤمن يقل الكلام ويكثر العمل ، وإن المنافق يكثر الكلام ويقل العمل ) أبوبكر الفريابى : صفة النفاق وذم المنافقين ، صـ65 .
ولا عجب حينئذٍ حينما نسمع أن بعض الصحابة مثل أبى أيوب الانصارى قد رحل من الحجاز إلى مصر لسماع حديث واحد من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم .
أصحاب الهمم العالية لا يرضون بغير القمة بديلا وإن المخترعين والمستكشفين والمصلحين والفلاسفة لم يكونوا ملائكة أو شياطين ، ولكنهم كانوا رجالاً أمثالكم تملكهم الأمل فبذلوا في سبيله كل جهودهم وقلوبهم حتى أدركوه. والعاقل هو من يثبت ذاته بما يرفع قدره ويجلب له النفع ويكسبه احترام الناس .
ومن الأمور التي ترفع من همة المرء : أن يجدد أهدافه في الحياة ويجدد علاقاته ولا يركن إلى الخمول ، ويعشق العمل ، ويغتنم الفرصة ، قال الشاعر :

إذا هبت رياحك فاغتنمها* * * فإن لكل خافقة سكونُ
ولا تغفل عن الإحسان فيها * * * فما تدرى السكون متى يكونُ
إذا ظفرت يداك فلا تقصر* * * فإن الدهر عارية يخونُ

6- يسيطر على نفسه .. فلا يغضب ولا يحقد :
من أهم صفات الإنسان الواثق من نفسه أنه لا يترك فرصة للغضب أن يسيطر عليه أو يتحكم فيه ، لأن تحكم الغضب على نفس المرء دليل على ضعف نفسه ، ونقص إرادته لذا فقد جعل الله تعالى من صفات المؤمنين المتقين أنهم يسيطرون على أعصابهم فلا يسترسلون مع غضبهم ولا يسمحون له بأن يحطم حياتهم ، قال تعالى { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } سورة آل عمران آيات : 133 – 134 . .
ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم معنى القوة الحقيقية بأنها وثوق الإنسان وإرادته في تملك نفسه والسيطرة على أعصابه عند الغضب ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تعدون الصرعة فيكم ؟ قالوا : الذي لا يصرعه الرجال ، قال : ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب رواه مسلم . .
وفى القرآن الكريم أمثلة عديدة من حياة الأنبياء على جهل قومهم عليهم ومقابلتهم ذلك بالصبر الجميل .. فها هو هود عليه السلام أرسله الله إلى عاد ولكنهم ماذا قالوا له وماذا قال لهم قال تعالى { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } سورة الاعراف آيات : 66- 68 . .
ولقد كان رسولانا الكريم قدوة حسنة في ذلك فلم يغضب لنفسه إنما كان يغضب لله تعالى إذا انتهكت حرمة من محارمه . روى في ذلك أن إعرابياً جاء يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فأعطاه ، ثم قال له : أأحسنت إليك ؟ قال الأعرابي : لا ولا أجملت ، فغضب المسلمون ، وقاموا إليه فأشار إليهم النبي أن كفوا ، ثم قام ودخل منزله ، فأرسل إليه وزاده ، ثم قال : أحسنت ، قال : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيراً ، فقال النبي : إنك قلت ما قلت أنفاً وفى نفس أصحابي من ذلك شئ ، فإن أحببت فقل أمامهم ما قلت حتى يذهب ما في صدورهم عليك ، ففعل الرجل ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم إن مثلى ومثل هذا كمثل رجل له ناقة شردت فأتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفوراً فقال لهم صاحبها خلوا بيني وبين ناقتي ، فإني أرفق بها منكم وأعلم ، فتوجه لها بين يديها فأخذ من قمام الأرض فردها حتى جاءت واستناخت ، وشد عليها رحلها ، واستوي عليها " .
فالقوى هو من يقوى على كبح جماح نفسه وكلما ارتفع الإنسان درجة في سلم السيطرة على نفسه زادت ثقته بها ، وكلما تأكدت له كفاءته أو قدرته في مراقبة حياته النفسية ، ارتفع فوق الوسط وأخذ في التحليق صعداً.
وكل إنسان أخبر بنفسه ويعرفها جيداً " رحم الله امرأ عرف قدر نفسه " فكل فرد يعرف ضعف نفسه أو قوته من خلال نجاح هذه النزاعات لأن من استطاعت إرادتهم أن تتغلب بشكل طبيعي وبسهوله على الانفعالات ، وأن توقف حركات الجسم التي تصاحبها كانوا يملكون دون شك النفوس الأقوى.
والعاقل هو الذي لا يترك التوافه وصغائر المشكلات أن تهدم سعادته وتحطم حياته ويغضب لأتفه الأسباب ، فيوصله الغضب إلى الحقد والضغينة فيفقد تماماً ثقته بنفسه وبمن حوله .
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم " عن أفضل الناس فقال : كل مخموم القلب صدوق اللسان ، فقيل : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : هو التقى النقى لا إثم فيه ولا بغى ولا غل ولا حسد " رواه ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو . ، فالواثق لا يغضب ولا يحقد .

7- يواجه أخطاءه بكل شجاعة :
الواثق لا يهرب من أخطاءه بل يواجهها بكل شجاعة وإقدام ، فهو ابتداء يحرص كل الحرص على إذلال نفسه بأن يوردها المهالك ، ويضعها كل يوم مواضع الاعتذار وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فقال في بعض وصاياه : " وإياك مما يعتذر منه " رواه الحاكم والبيهقى . ، ولكن الإنسان بطبعه ناسٍ خطاء ، ولكن صاحب النفس القوية الشجاعة ، والهمة العالية لا يرى الاعتذار عن خطأه منقصة له ، ولا إقلالاً من شأنه ولا آخذا من مكانته .
ولقد علمنا القرآن الكريم الشجاعة في الاعتذار عن الخطأ ، ففي غزوة أحد حينما أصاب المسلمين ما أصابهم بسبب مخالفتهم أوامر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن ذلك كله من عند الله ولكن الله تعالى قال لهم { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة آل عمران آية : 165 . .

8- يصبر على المصائب ويتحمل الشدائد :
وصف الله تعالى المؤمنين الصالحين في كتابه الكريم بأنهم يصبرون في البأساء والضراء وأنهم يواجهون المصائب بالصبر الجميل قال تعالى : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } سورة البقرة آيات : 156-157 فالعاقل المؤمن لابد أن يدرك جيداً أن الله تعالى خلقه لحكمه ومنها اختباره ، حتى يمحصه ويقوى إيمانه فما يصيبه من شئ فهو داخل في مجال الاختبار والابتلاء وعليه أن يصبر ويتجمل بالصبر ، وفى الحديث الذي رواه الشيخان " إنما الصبر عند الصدمة الأولى " .
فماذا يجدي العاقل إذا سخط وتبرم على قدره وإنها لحماقة كبرى تلك التي يقترفها من لا يتجملون بالصبر والإيمان حين تحل بهم الشدائد والنكبات ، وأية حماقة أكبر من أن يثور المنكوب ويفقد رشده فيحاول في جنون أن يضرب الأرض بقدميه ، وأن ينطح الجدران برأسه ، إن هذا المسكين لن يخفف ذلك من نكبته بل هو على عكس ذلك يضعف من قدرته على مواجهتها فيضاعفها من حيث لا يدرى.

9- يتواضع في غير ذل ، ويلين في غير ضعف :
حرم الله تعالى الكبر والإعجاب ، فالعزة والكبرياء من صفاته تعالى وحده قال تعالى في حديثه القدسي " العزة إزاري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته رواه مسلم . ، وقد جعل الله تعالى الآخرة للمتواضعين ، قال تعالى : { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } سورة القصص آية : 83 . .
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " المؤمنون هينون لينون كالجمل الآنف ( الذلول ) إن قدته إنقاد وإن أنخته أناخ "
وليس التواضع أن يذل الإنسان لغيره ، فالمؤمن عزيز النفس في كل شئ ، وكما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " والذي نفس محمد بيده لن تموت نفس قبل أن تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بغير طاعته فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ".
فالتواضع الحقيقي هو اللين في غير ذل ولا ضعف وعدم التفاخر والتكبر على عباد الله ، فالمتكبر المغرور إنسان ناقص الإرادة فاقد الثقة بنفسه وبمن حوله .
قال الشاعر :

تواضع تكن كالنجم لاح لناظر* * * على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه* * * فوق طبقات الجو وهو وضيع

قال رجاء بن حيوة : سمرت ليلة عند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فعشى السراج ، فقلت : يا أمير المؤمنين ألا أنبه هذا الغلام يصلحه ؟ قال : لا دعه ينام لا أحب أن أجمع عليه عملين ، فقلت : أفلا أقوم أنا فأصلحه ؟ قال : لا فليس من المروءة استخدام الضيف ، ثم قام بنفسه فأصلحه ووضع فيه الزيت ثم جاء وقال : قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر .

10- واثق في مظهره وفى تصرفاته :
الثقة بالنفس يظهر أثرها على صاحبها في سلوكه ومظهره ، في شكله وفى مخبره ، بل وفى جميع تصرفاته .فتجده نظيف الثياب ، حسن الهيئة ، طيب الرائحة مصداقا لقول الله – عز وجل – { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } سورة البقرة آية : 222 .
ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله جميل يحب الجمال نظيف يحب النظافة." رواه مسلم ..
ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - المثل والقدوة في ذلك ، قال أنس في وصفه صلى الله عليه وسلم " ما شممت مسكا قط ولا عطرا أطيب من عرق النبي صلى الله عليه وسلم " الحكيم الترمذي : الشمائل المحمدية ، صـ182 . ، بل كان من خلقه أنه إذا خرج إلى أصحابه أن يصلح من شعره وهندامه ويتطيب لهم .
والواثق من نفسه تجده أيضاً تعلو البسمة وجهه ، فلا تراه إلا مبتسما متفائلاً . وفى الحديث " تبسمك في وجه أخيك صدقة " وفى الحديث المرفوع " اطلبوا الخير من حسان الوجوه " .
فالمعلوم أن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثراً من صوت اللسان ، فكأني بالابتسامة تقول لك عن صاحبها : إني أحبك ، إني سعيد برؤيتك " .
والإنسان حينما يبتسم فإنه يستخدم ثلاث عشرة عضلة من عضلات وجهه ، في حين أنه يستخدم أربعا وسبعين عضلة عندما يعبس أو يتجهم .
والواثق من نفسه إذا قابل أحداً فإنه يبدأه بالسلام ويحيه بتحية أحسن من تحيته له ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - " ألق السلام على من عرفت ومن لم تعرف " ، وقال : " ألا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشو السلام بينكم " وقال : " إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة أو حائط ثم لقيه فليسلم عليه " العجلونى : كشف الخفاء ، جـ1 ، صـ 104 . .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقى رجلا يكون : " أول من يبدأ بالسلام والمصافحة وهو آخر من ينزع يده " رواه أبو داود ..
وقد حببنا في ذلك فقال فيما يرويه عنه حذيفة بن اليمان " إن المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهم كما يتناثر ورق الشجر " الهيثمى : مجمع الزوائد جـ8 ، صـ36 .
ومن الثقة أن تنادى أخاك بأحب الأسماء والكنى إليه فهذا مما يغرس بينكما الثقة والألفة والمحبة ، قال حنظلة بن جذيم : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه أن يدعو الرجل بأحب أسمائه إليه وأحب كناه " الهيثمى : مجمع الزوائد ، جـ8 ، صـ56 . .
والثقة بالنفس تظهر – كذلك – في الحديث ، فالواثق من نفسه يرتب كلامه قبل أن يخرجه من فيه ، ولا يتكلم إلا بالحق ، قالوا في وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان دائم الفكرة ... طويل السكون لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح كلامه ويختمه باسم الله تعالى ، ويتكلم بجوامع الكلام ، كلامه فصل ، لا فضول ولا تقصير " الترمذي : الشمائل المحمدية ، صـ20 . ، وجاء في وصف كلامه كذلك منطقا ، حتى أن كلامه يأخذ بالقلوب ، ويسبى الأرواح " ابن القيم : زاد المعاد ، جـ1 ، صـ46 ..
فالإنسان مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر.
جاء عمر بن الخطاب رجل يشهد لرجل فقال له : هل تعرفه ؟ قال : نعم قال : هلى صاحبته في السفر الذي تعرف به مكارم الأخلاق ؟ قال : لا , قال : هل عاملته بالدينار والدرهم الذي يعرف به ورع الرجل ؟ قال : لا ، قال هل أنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه ؟ قال لا : قال : لعلك رأيته قاعداً وقائما يصلى في المسجد ؟ قال : نعم ، قال : إذن فأنت لا تعرفه .
فانظر إلى هذا الرجل حينما تكلم ظهر من كلامه عدم الثقة فيما يقول ويدعى .
ومن الثقة أن يستمع المرء للناس كما يستمعون إليه ، حينما جاء عتبة بن الوليد يكلم الرسول في أمر الإسلام ويعرض عليه المال والملك والجاه والرسول - صلى الله عليه وسلم - ساكت حتى انتهى عتبة من كلامه فهذا تصرف الواثق الذكي .
تظهر الثقة – كذلك – في مشية الإنسان " فواثق الخطوة يمشى ملكاً " ، وقد وصف الله في قرآنه مشية عباد الرحمن فقال { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } سورة الفرقان آية : 63 . ، قال السلف في تفسير هذه الآية : المشى بسكينه ووقار من غير تكبر ولا تماوت وهى مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم " وفى وصف مشية الرسول صلى الله عليه وسلم أنه " كان أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها " .
قال أبو هريرة " ما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله ، كأنما الأرض تطوى له ، وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث " ابن القيم : زاد المعاد ، جـ1 ، صـ42.
كما أنه كان إذا مشى لا يلتفت وراءه . وهذا يدل على الشخصية المتكاملة .
من صفات الواثق – أيضاً – أنه ذكى لماح لبق في كل تصرفاته يحاول أن يروى للآخرين ما يلذ لهم ، ولا يفشى أسرارهم أو يتحدث عنهم بما يثيرهم ، ولا يسخر من أحد ويكتسب مهارة القول المناسب في الوقت المناسب ، ولا يكن ثرثاراً ، بل يستمع أكثر مما يتكلم .
قال أبو الدرداء : " لقد أعطانا الله أذنان ولسانا واحداً لنسمع أكثر مما تتكلم " .

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا

اللهم جنبنا الزلل في القول والعمل .


نقط هذا المقال
دعاء الدخول والخروج من المسجد
عند الدخول يقدم قدمه اليمنى ثم يقول

( أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وسلطانه القديم ، من الشيطان الرجيم )

( بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك )


عند الخروج يقدم قدمه اليسرى ثم يقول

( بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم أني أسألك من فضلك اللهم أعصمني من الشيطان الرجيم )

نقط هذا المقال
1 2 3 4 5







بحث مخصص