ANALYSE

كيف أبقت فرنسا إفريقيا مستعمره تابعة لها تمتص خيراتها ليل نهار.


Alwihda Info | Par Habib Ousman - 17 Mai 2022




منتصف القرن التاسع عشر كانت فرنسا قد استولت على غرب ووسط القارة السمراء، بينما كان التبادل التجاري وتجارة العبيد والصمغ العربي والعاج ومختلف المواد الأولية قد بدأت قبل ذلك بقرنين على الأقل.

مكنت فرنسا من السيطرة على أكثر من 35% من مساحة القارة، واستمر حكمها لها أكثر من ثلاثة قرون، في حوالي عشرين دولة إفريقية.

الاستعمار الفرنسي ثقافي الهوية، كان حريصاً على صبغ الهويات الخاصة للشعوب بألوان المسيحية والفرنكفونية.

لكنه كان أيضاً استعماراً دموياً وحشياً، خلد لفرنسا في ذاكرتها التاريخية فصولاً سوداء في تجارة الرقيق، والمجازر البشرية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف، زيادة على نهب الثروات، وتدمير المدن، وحرق المكتبات والمساجد.

بعد الاستقلال توزعت القارة بعد ذلك بين أنظمة فرنسية الصنع والهوى، وأخرى ثورية أو وطنية، سرعان ما تخلصت منها فرنسا، وأقامت وكلاء محليين يحافظون على مصالحها الخالدة.
رغم إنسحابها العسكري ومزاعم الاستقلال المزيف إحتلت فرنسا مناطق غرب ووسط أفريقية قرونا عدة وأنشات أشكالاً مباشرة للإدارة وفرضت لغتها وانظمتها وقيمها وانظمتها الثقافية.

إعتمدت فرنسا في إدارتها لمستعراتها سياسة فرق تسد!
لتسهل إدارتها وتضمن عدم حدوث تمرد كعادة المحتل، وكعادة فرنسا تمكنت من إيجاد تيار تابع لها يدافع عنها وعن إحتلالها ويواجه مقاومي الفرنسة وعرف هذا التيار بإسم(الأوربة الأفريقية)

اضطرت فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية وبداية صعود الراسمالية إلى الخروج العسكري من مستعمراتها، ومنحها إستقلال شكليا ومشروطاً وافق عليه معظم الزعماء الأفارقة.
فرنسا بدون إفريقيا لا شيء رغم خروجها المزيف الا ان فرنسا لم تستطيع أن تمنع نفسها من التأكيد على احتياجها الشديد لإفريقية.

فقد صرح فرنسوا متيران عام 1956 وقبل أن يصبح رئيسا لفرنسا قائلاً دون أفريقية فرنسا لن تملك اي تاريخ في القرن الواحد والعشرين وتكرر في القرن الواحد والعشرين على لسان الرئيس الأسبق جاك شيراك الذي كان أكثر وضوحاً ومباشرة في الأمر فقال في عام 2008 دون أفريقية فرنسا ستنزلق إلى مرتبة دول العالم الثالث. وفي عام 2013 صرح الرئيس الفرنسي السابق فرانسو هولاند " فرنسا مع أوروبا تود أن تكون أكثر مشاركة في مصير أفريقية وهو إعتراف صريح برغبة فرنسا الاستمرار في التحكم في أفريقية ومستقبلها.

في تصريح له الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي اتنو" كلما حاولنا نحن الأفارقة التحرر من قبضة فرنسا تحددنا بملفاتنا الحساسة " مؤكداً على الضغط الفرنسي لرؤساء أفريقية في سياستهم.

وبعد مجازر روندا واعتراف فرنسا بأنها قامت بخطأ كبير حينما سكتت عن تلك الإبادة الجماعية التي هي السبب الأول في تلك المجزرة واعترافها بمجزرة الجزائر.

فى القرن الواحد والعشرين وبعد الربيع العربي إمتد الربيع ليصل أفريقية، الحقيقة التي يتغافل عنها الفرنسيون أنّ مشكلات القارّة، وما يجري، على وجه الخصوص، في مالي، منذ 2012، انعكاس لسياسات استعمارية بحتة، تحاول باريس إدامتها في القارة من دون أدنى اعتبار للتغيرات الجيوسياسية والحقائق الدولية على مستوى القارة وفي العالم، عموماً، ومنها إرادة الدول الأفريقية الفكاك من الارتباطات مع الدّولة الاستعمارية السّابقة، فرنسا، وربط شراكات مصلحية مع دول أخرى، ترمي إلى تجسيد مصالح لدول القارّة بعيداً عن الإجحاف والفشل الذي لازمها جراء بقائها في دائرة نفوذ فرنسا، على الأصعدة كافة.

يجب التذكير، هنا، بأن الانقلابات التي نراها تتعدّد (مالي ثم بوركينا فاسو الواقعتان ضمن دائرة نفوذ فرنسا، وأخيراً محاولة غينيا بيساو، الغنية بالنفط والواقعة تحت تأثير شركة "توتال" النفطية الفرنسية) أخيراً، في دول القارة، هي ترجمة فعلية لرفض الأفارقة سياسات فرنسا الاقتصادية والدّفاعية، على وجه الخصوص.
وهي ترجمة فعلية، أيضاً، لأصوات باتت ترتفع في أفريقيا، أن كفى ما جنته علينا فرنسا من مظالم، وقد كان لبعضها وقع وصدى في القمّة الفرنسية الأفريقية منتصف العام الماضي (2021)،واجتمع الرئيس ماكرون بممثلين عن المجتمع المدني الأفريقي، حيث تم التّعبير عن وجوب اعتذار فرنسا عن تلك السياسات، بل وتعويض الأفارقة عن تداعياتها عليهم جراء التخلف، الفشل والفقر، بل والصّراعات/ الحروب وهي الشعارات، ذاتها، التي ارتفع صداها، منذ أعوام، في أكثر من دولة أفريقية، تتحدث، كلها، عن وجوب انسحاب فرنسا من القارة وتوقفها عن استنزاف مواردها.

في الرابع عشر من مايو عام 2022
بدعوة من بعض الاحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني في النزول الي الشارع بسبب رغبة فرنسا إنشاء خمسة قواعد عسكرية جديدة لقواتها المطرودة من مالي اتجهت مئات من السيارات العسكرية الفرنسية وسط البلاد تحديد مدينة أتيا وبعد الضغط صرحت السفارة الفرنسية بأن تلك القوات ذهبت لحماية طائرة كانت معطلة منذ شهور. جمهورية تشاد تتمركز فيها ثلاثة قواعد عسكرية فرنسية حسب إتفاقية الدفاع المشترك بينها وبين باريس خرج الشارع عن صمته لأكثر من ثلاثين عام ليقول كلمته عبر مظاهرات شعبية في عدة مدن بداية من العاصمة انجمينا حيث قام المتظاهرين بتخريب محطات وقود التابعة لشركة توتال الفرنسية وإمتد شرق البلاد ليصل مدينة أبشي المدينة التي ارتكبت فيها فرنسا مجزرة جماعية عام 1917 راح ضحيتها أكثر من 400 عالم حيث قطعت رؤوسهم بالمنجل عرفت الواقعة بمذبحة الكبكب.
إنتفض الشارع واقتحم القاعدة العسكرية برخان وقام بإنزال العلم الفرنسي ورفع العلم التشادي إضافة الي إقتحامه القنصلية الفخرية لفرنسا فيها ورفع فيها العلم كما قام المحتجون بتحطيم النصب التذكاري لجيوش فرنسا الحرة عندما مرت بتلك المدينة عام 1941م ويذكر ان منظمة ارش دي ذوي الفرنسية قامت بخطف 113 طفلاً تشادياً من مدينة أبشي عبر طائرة خاصة وتم القبض عليهم كان ضمن الخاطفين طيارين إسبان عام 2007 نقل الخاطفون الي فرنسا بعد التسوية لمحاسبتهم هناك.

يبقي السؤال هل تتبع تشاد نهج الدول الأفريقية الأخرى للتحرر ، بقيادة المجلس العسكري الانتقالي.
ام تحرك فرنسا خيوطها التى ظلت تنسج فيها 123 عام.

Dans la même rubrique :