Accueil
Envoyer à un ami
Imprimer
Grand
Petit
Partager
TCHAD

النموذج القانوني (أركان ) جريمة غسل الاموال على ضوء (إتفاقية فيينا 1988م ، والقانون الجنائي التشادي 2017م)


Alwihda Info | Par آدم إبراهيم آدم - 20 Novembre 2021



كتبه القاضي/ آدم إبراهيم آدم


قلنا في المقال السابق والذي تم نشره بصحيفة #السلام_التشادية في العدد 242 الصادر بتاريخ 14 يناير عام 2021م ، أن مصطلح غسل الاموال من المصطلحات القانونية الحديثة نسبيا وان كانت هذه التسمية أصبحت مألوفة يستخدمها كافة رجال القانون والاقتصاد والسياسة،  وعرفنا جريمة غسل الاموال :( بأنها إضفاء الصفة الشرعية بطريقة  ما على الأموال النقدية المستمدة من العائدات غير المشروعة ، 
أو هي إخفاء حقيقة الاموال المستمدة عن طريق غير مشروع بالقيام بتصديرها  أو إيدائها في مصارف دول أخرى أو نقلها أو تحويلها أو إستثمارها في أنشطة مشروعة للإفلات بها من القيود،  وإظهارها كما لو كانت مستمدة من مصادر مشروعة سواء أكان الإيداع أو التوظيف أو الإستثمار قد تم في دول متقدمة أو نامية 
ويعرفها البعض بأنها عبارة عن أموال ناتجة عن أنشطة غير مشروعة عادة ما تكون هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي ثم تحاول العودة مرة أخرى بصفة شرعية معترف بها من قبل نفس القوانين التي كانت تجرمها داخل الحدود الإقليمية التي تسري عليها هذه القوانين، وعليه فإننا سنتناول في هذا المقال عن النموذج القانوني أي الأركان الخاصة المكونة لهذه الجريمة. 
فجريمة غسل الأموال كغيرها من الجرائم الاقتصادية الخطيرة التي تقوم على أركان ثلاث هي:
1- الركن الشرعي: ويقصد به نص التجريم الذي يجرم الفعل ويعاقب عليه ، ويترتب على هذا أن القاضي لا يملك أن يعاقب على فعل لم يجرمه المشرع،  ولا ينطق بعقوبة غير منصوص عليها في القانون ، وتظهر أهمية الركن الشرعي فيما يسمى بالتكييف القانوني (إعطاء الوصف القانوني الصحيح للواقعة) ، ويترتب على هذا الأمر أن يكون التشريع هو المصدر الوحيد في مجال التجريم والعقاب ، وعلى الرغم من اهمية الركن الشرعي فإن مبدأ الشرعية اي شرعية الجرائم من جهة نظر اتفاقة فيينا الصادرة عن الأمم المتحدة في 20 ديسمبر لعام 1988م والتي أصبحت فيما بعد مصدر لكافة تشاريعات الدول في العالم ، ألزمت كل دولة على تجريم كل السلوكيات التي تنطوي على غسل الاموال والاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية ، وفرضت على الدول الأعضاء تبني اجراءات ضرورية للعقاب على الأفعال العمدية ومن ذلك ؛  تبديل أو نقل الاموال مع العلم بأن مصدرها جريمة (جنابة أو جنحة ) ،  وذلك من أجل إخفاء هذه الاموال ، أو مساعدة اي شخص ساهم في ارتكاب الجريمة ، ومن الأفعال التي يتعين تجريمها أيضا إخفاء طبيعة أو اصل أو اتجاه حركة المال أو ملكيته أو الحقوق المتعلقة به مع العلم بأن مصدره جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقيه. 
اما مبدأ الشرعية من جهة نظر التشريع التشادي ، يمكننا القول بأن المشرع التشادي في تحديده لنطاق الجريمة، أي جريمة غسل الاموال قد مر بمرحلتين:
المرحلة الأولى : وهي مرحلة قبل صدور قانون الجنائي الجديد،  وقد تميزت هذه المرحلة باهتمام المشرع في الجرائم الأخرى مثل تجريمه لجريمة إخفاء الأشياء المسروقة،  والسرقة ، وعمليات الغش والتزوير ، والرشوة،  وجرائم الاتجار بالمخدرات وذلك بفرض عقوبات وللسيطرة على هذه الجرائم الناتجة من اكتساب الاموال بطرق غير شرعية ، وكل ذلك في مواد القانون الجنائي التشادي القديم لعام 1963م .

-المرحلة الثانية : صدور القانون الجنائي التشادي الجديد لسنة 2017م ، والمعمول به في 09 أغسطس: اهتم هذا القانون بالنص على تجريم غسل الاموال في المواد 228 إلى 230 ، وذلك في كافة سلوك التعاملات المالية ، ونقل الاموال ذات المصدر غير المشروع،  وتجريم نقل أو إرسال أو تحويل الاموال المتحصلة من أنشطة اجرامية .
لذا قد خرج المشرع التشادي على خطته السابقة ووسع نطاق التجريم بحيث جعلها تشكل كافة الجنايات والجنح بصفة عامة،.
فقد عرفت المادة 228 من القانون الجنائي التشادي جريمة غسل الاموال بأنها(كل من حول أو نقل أموال(ممتلكات ) بهدف إخفاء او تمويه مصدرها غير المشروع ، ويشكل غسلا أيضا كل من أخفى أو موه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها او التصرف فيها أو ملكيتها ، وأيضا كل من ساعد شخص متورط في ارتكاب جناية أو جنحة على الافلات من الآثار القانونية المترتبة على أفعاله. 
ويعاقب على الغسل بالحبس من 05 سنوات إلى 10 سنوات،  وغرامة مالية قدرها أقصى ثلاثة أضعاف قيمة الاموال المغسولة أو مقدارها ، أي انه في ظل القانون الجنائي الحالي لا يشترط لوقوع جريمة غسل الاموال على الجاني فحسب بل حتى  إلى كل من ساعده ، أو يكفي علمه بأن الاموال التي يتداولها ويستثمرها مصدرها غير مشروع، بعبارة أخرى أي أن هذه الاموال متحصلة من جناية أو جنحة معاقب عليها في القانون .

ثانيا : الركن المادي:
يقصد بالركن المادي النشاط أو السلوك الإيجابي أو السلبي الذي ينسب إلى الفاعل ويترتب على هذا السلوك أو النشاط حدوث نتيجة جرمية، أي الآثار الخارجية التي تتمثل في الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون،  إضافة إلى قيام رابطة سببية ما بين النشاط الاجرامي والنتيجة الجرمية. 

أ/ النشاط (السلوك ) المكون لجريمة غسل الأموال :
لا تقوم جريمة غسل الاموال أو غيرها من الجرائم دون سلوك أو نشاط مادي يأتيه الجاني في صورة أفعال خارجية يمكن الوقوف عليها،  فاتفاقية فيينا 1988م حددت ثلاث صور للنشاط المكون لجريمة غسل الاموال،  فاستخدمت مصطلح المتحصلات، والاموال ، والتحويلات ، في حين ذهب المشرع التشادي على مظهرين للسلوك الاجرامي وهما إخفاء(تمويه ) مصدر الاموال غير المشروع،  حيازة أموال متحصلة من جريمة أو جنحة،  لذا فاستخدم مصطلح الاموال (الممتلكات ) ، والمتحصلات أيضا.
يتضح لنا مما سبق انه يشترط لتوافر جريمة غسل الاموال وجود جريمة اولية نتج عنها مال غير مشروع،  ويستوي أن تكون هذه الجريمة جناية أو جنحة .
ب/ النتيجة الجرمية 
تعد النتيجة الجرمية احد عناصر الركن المادي ، وهي بتعني الأثر الذي يترتب على السلوك الاجرامي،  أو بمعنى آخر هي العدوان النهائي على المصلحة التي يحميها القانون ، ولتحديد عنصر النتيجة الجرمية في جريمة غسل الاموال فإن هذا يتطلب معرفة فيما اذا كانت جريمة غسل الاموال من جرائم الضرر أو الخطر ، وبحسب اتفاقية فيينا 1988م فإن جريمة غسل الاموال تجمع بين جرائم الضرر والخطر ، وهذا الجمع يعكس مدى خطورتها والآثار السلبية التي تترتب عليها فيما لو تمت بشكل كامل .
اما المشرع التشادي فاعتبرها من جرائم ذات النتيجة المادية التي تتطلب تحقيق نتيجة معينة ، وهي إخفاء او تمويه المصدر غير المشروعة للأموال التي تم غسلها بحيث يتعذر تتبع هذه الأموال ومعرفة حقيقتها والوصول إلى الشخص الذي ارتكب الجريمة الأصلية المتحصل عنها المال غير المشروع. 
وعليه فإن النتيجة الجرمية في  جريمة غسل الاموال تتمثل في تغيير صورة المال الذي تم الحصول عليه من وسائل غير مشروعة ليبدو في ظاهره انه تحصل بطريقة مشروعة ، ومن ثم إدخال هذا المال في الدورة الاقتصادية وظهوره مرة أخرى في مظهر مشروع في مشاريع تجارية كبناء الفنادق وتكوين الشركات التجارية،  وإنشاء المستوصفات الطبية والمعاهد الجامعية ....وغير ذلك . لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال عن الشروع في حالة عدم تحقق نتيجة جرمية ؟ فالشروع في جريمة غسل الاموال يعتبر متحقق وذلك بمجرد القيام بعمليات مالية تمهيدا لارتكاب الجريمة بشرط التحقيق ومعرفة أن الجريمة قد تمت بهدف إخفاء او تمويه المصدر غير المشروع للأموال الناتجة عن اعمال غير مشروعة ، ومن ثم الكشف عنها قبل إتمام العملية .
والشروع في لغة القانون هو أن يبدأ الجاني في ارتكاب عمل إجرامي ولكن النتيجة لم تتحق ، وله مراحل عدة بدأ بمرحلة التفكير والاعمال التحضيرية،  ثم مرحلة البدأ في التنفيذ وأخيرا تمام التنفيذ وعدم تحقيق نتيجة .
ج/ العلاقة السببية :
هي الرابطة التي تربط ما بين عنصري  الركن المادي السابقين (النشاط الاجرامي والنتيجة الجرمية) فتقيم وحدة كيان الركن المادي ، وفي مجال غسيل الاموال فإن العلاقة السببية تتوافق بارتباط السلوك الاجرامي الذي انصب على مال غير مشروع متحصل من جريمة من الجرائم التي نص عليها القانون والذي ينسب إلى الجاني بالنتيجة الجرمية والتي تتمثل بتمويه طبيعته أو حقيقته أو إخفاء الصفة الشرعية على الأموال غير المشروعة.

ثالثا: الركن المعنوي :
لا يكفي لجريمة غسل الأموال أن يأتي الجاني (مرتكب الجريمة ) فحسب أي صورة من صور السلوك الجرمي والتي يتحقق بها الركن المادي ، وإنما يلزم فوق ذلك - توافر الركن المعنوي ، وهو العلم والإرادة التي يقترب بها الفعل سواء اتخذ صورة القصد ام الخطأ. 
فجريمة غسل الأموال هي جريمة عمدية قوامها ارادة السلوك أو النشاط المكون لركنها المادي ، والعلم بكافة العناصر الجوهرية التي تهب هذه الجريمة خصوصيتها القانونية ، والتي تتجسد بالأساس في ضرورة العلم بالمصدر الجرمي للأموال غير المشروعة .
لذلك وعلى ضوء ما تقدم  فإن الركن المعنوي لهذه الجريمة له عدة صور حسب إرادة الجاني فقد 
 يتخذ صورة الخطأ فتكون الجريمة غير عمدية ، وقد يتخذ صور القصد الجنائي فتكون الجريمة عمدية ، فقد جاء في أحكام المادة التاسعة من اتفاقية فيينا فصل (الجرائم والجزاءات) عن صور الطبيعة العمدية لهذه الجريمة ،  وألزمت الدول الأعضاء أن تتخذ ما يلزم من تدابير لتجريم الفعل في القانون الداخلي في حال ارتكاب هذه الأفعال الاجرامية عمدا ، الأمر الذي يجرنا إلى اسبعاد تصور وقوع هذه الجريمة عن طريق الخطأ أو الإهمال. 
اما المشرع التشادي فقد نص صراحة في القانون الجنائي الجديد وحدد صورة الركن المعنوي في العمد دون الخطأ،  لأنه توفر نية لدى الجاني بأن يكون القصد من سلوكه هو إخفاء المال أو تمويه طبيعة مصدره أو نقله من مكان لآخر،  وفق المادة 228  وما بعدها .
وبناء على ذلك فإن جريمة غسل الاموال تتفق مع جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة recèle,  وفق المادة 417 من القانون الجنائي التشادي الجديد،  لأن  جريمة إخفاء الأشياء المسروقة هي أيضا لا تقوم استنادا على الخطأ غير العمدي لدى الفاعل ،وإنما علمه بأن هذه الأشياء (الاموال) متحصلة من جريمة ، وهذا من ضمن أركان جريمة إخفاء الأشياء المسروقة أن يعلم المتهم بأن ما يخفيه متحصل من السرقة.
وهكذا يمكن القول بأن جريمة غسل الأموال شأنها شأن أي جريمة أخرى لا يعاقب عليها القانون في صورتها غير العمدية طالما لم ينص المشرع على ذلك،  وبتعبير آخر فإنه متى ما جرم القانون فعلا دون بيات الركن المعنوي لزم توافر القصد الجنائي ، والاخير هو قوام الركن المعنوي للجريمة العمدية ويعني ذلك إتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع العلم باركانها ونتائجها.

كتبه القاضي/ آدم إبراهيم آدم


المصادر
-القانون الجنائي التشادي الجديد 2017م
-اتفاقية فيينا 1988م
-خالد حمد الحمادي /مكافحة غسل الأموال 
- أمجد سعود قطيفان الخريشة /جريمة غسل الأموال 
- عزت محمد العمري /جريمة غسل الأموال.



Pour toute information, contactez-nous au : +(235) 99267667 ; 62883277 ; 66267667 (Bureau N'Djamena)