Accueil
Envoyer à un ami
Imprimer
Grand
Petit
Partager
POINT DE VUE

لمحات عن رحلتي إلى مدينة (بايبوكوم) حاضرة مقاطعة جبل لام ، ولاية لوغون الشرقيه جنوب البلاد (تشاد)


Alwihda Info | Par آدم إبراهيم آدم - 7 Février 2023




كنت قد ختمت في أوراق رحلتي الأخيرة ، وهي رحلتي إلى مدينة (طينة جقرباء) أقصى شرق البلاد بهذه الوصية ( أحكوا عن رحلاتكم ولو كانت مجرد أمتار قلائل حتى نستطيع أن نعرف كل شبر من بلادنا وما تتميز به من جمال ) ، فكانت هذه الوصية كدين وعهد علي بأن أسدده ؛ وأكتب عن كل تحركاتي ،  بما فيها هذه الرحلة التي ابتدأت من العاصمة أنجمينا ، بعد عن عبرنا جسر ملتقى نهري شاري ولوغون ، واتجهنا نحو جنوب البلاد .

 وبذلك تركنا المشرق والمغرب والشمال واتجهنا نحو الجنوب ، ومنذ خروجي من أنجمينا داعبت أنفي نسائم البحر ، وتتالت أمامنا مدن وقرى عدة كمدينة (كوندول ، كورناري ، لوميا ، مندليا ، ومدينة قلندينق ذات الأشجار الطويلة  ، والبيوت الطينية المقوسة التي شيدت بأسرار عقل من الهندسة والإبداع ذات الرواسي العالية ، وكأنها  اهرامات مصر القديمة .

وعند هذه المدينة يتفرع طريقان : أحدهما يتجه نحو مدينة ( أم باربي) الشهيرة بالحوت والسمك ، والآخر يتوجه بنا نحو مدينة (بونقور)  ومن الأخير إلى قبلتنا التي قصدناها .

وقبل أن نصل إلى مدينة (بونقور) مررنا بمزارع الارز العريضة ، وببساطين أشجار المانجو ، حتى اقتربنا لندخلها سالمين آمنين ..... وعند دخولنا واجهتنا أشجار طويلة كنخيل الصحراء ، فلما سألنا عنها قالوا هذه أشجار (الدليب) ذات الفوائد الكثيرة سواء تعلق الأمر بلبها ، أو باوراقها الكبيرة والجميلة ، أو بطولها الفريد .

وتشتهر مدينة (بونقور) بالسمك المعروف عندنا بسمك ( الكابتن) الذي يمتاز بالسمنة ، وهو احسن انواع السمك على الإطلاق.
 


ومن غرائب هذه المدينة تجد في كل شوارعها الواسعة رائحة السمك المشوي ببهارات فوق الحطب تفوح .... فدخلنا أحد المطاعم وطلبنا سمكا ، وتقدمنا إلى أحواض يسبح فيها السمك فاخترنا..... فكانت (بونقور ) مدينة السمك المشوي بدون منازع ، وبالرغم من رحلاتي لحواضر أقاليم بلادنا ، إلا أن صورة مدينة (بونقور) خففت عني مظاهر تعب السفر .

أما السكان في هذه المدينة العريقة يتصفون بطول قامتهم وضخامة جسدهم ، وكأن حضارة ( الساو) التي مرت بنا في التاريخ  تبعث في عيني من جديد ، وهذا يقوي الرأي الذي يقول بأن أصل الإنسان التشادي من شعب الساو الذين لم يخلق مثلهم في العالم. 

أما النساء في هذه المدينة قويات يعملن بجد واجتهاد ، ذوات جمال بارع لا تفارقهن الابتسامة ، يلقين التحية على المسافر بأدب واحترام، ومن الغرائب أن لهن سلطة اكبر من سلطة الرجال .

  وبعد هذه المدينة العريقة تابعنا الطريق لنصل إلى أكبر مدينة أخرى في طريقنا وهي مدينة ( كيلو ) بعد أن قضينا في الطريق ما يزيد على أربعة ساعات من عمر الرحلة.
 


  وعندما دخلناها وجدناها ،  مدينة كثيرة  الخيرات ، فيها من الأرز البلدي وقصب السكر ،  وانواع كثيرة من الفواكه والخضروات ، وجميع انواع البقوليات .

وأول ما لفت انتباهنا في هذه المدينة جمال دواراتها الواسعة والتي تحتوي على  تمثال مصنوع من احجار الجرانيت والجص  للحمار الوحشي ، وتمثال ايضا ، للفيل الافريقي ، وهو أيضا مصنوع من الأحجار .

وقد أخذنا راحة كافية في هذه المدينة لنؤدي حقوق الله،  فقصرنا وجمعنا ، تطبيقا لقوله سبحانه وتعالى : {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا .. }  صدق الله العظيم .

وكان ذلك في المسجد العتيق لهذه المدينة الجميلة ، ذات الشوارع الواسعة، لأن ذلك ما يتطلبه ديننا الحنيف، دين الجمال ، وأينما وجد الجمال فذلك دليل على شرع الله ودينه .

لم يمنعنا هذا الجمال من نسيان ما خرجنا من أجله ، وعندما سمعنا بصوت سيارتنا رباعية الدفع ، حزمنا الأمتعة واشترينا ما يمكن أخذه من خيرات هذه المدينة ....لنتجه جنوبا حتى وصلت بنا السيارة إلى مدينة أخرى،  أكبر مدن البلاد وأجملها.. .
 


 مدينة (موندو ) باريس دي قامباي ،paris de Gambay ، (مندو مكان قروش يكومدو ) بالعامية التشادية ، وصدق من سماها كذلك ، لأنه كان الاسم على مسمى،  فهي مدينة الشركات والاقتصاد ، مدينة الماضي والحاضر .....فدخلناها في ذلك اليوم عند غروب الشمس الموشحة بالورود ، ففيها مظاهر الفرحة في كل مكان ، مقاهي صادحة بالغناء والأنغام والرقص ، هنا الحرية هنا الجمال .

الحرية والجمال من نصيب الكل ، فجمالها يبدأ بالنهر الذي يطل شرق مقر حاكم الولاية، وفنادق طويلة ،  ومصانع كبيرة تضم عدد كبير من الأيدي العاملة ، أما الحرية فيلمسها الزائر في تعدد الأجناس البشرية ، وأخذت في ذلك أهمس لنفسي وكأني في مدينة (لاس فيجاس) .

وعندما سألنا قاطنيها عن تاريخ بناءها وتخطيطها البديع ، أجابني أن الرئيس الأول لتشاد (تومبولباي) هو الذي بناها .

 والملاحظ في هذه المدينة ، أن أهلها أهل صلاح وثقافة وسماحة ، وفيها أكبر مؤسسة تعليمية وتربوية تخرج منها العديد من كوادر بلدنا تشاد الحبيبة وهي ( ثانوية آدوم دالا) ، بالإضافة إلى الأسواق والمحلات التجارية المختلفة ؛ ومخازن تخزين الفول السوداني، والسمسم الابيض (فوروتو) .

والزائر لهذه المدينة العجيبة ذات المباني الحكومية الساحرة لن ينسى يوم (الأحد)،  الذي يعتبر العطلة الرسمية ، و(عيد)  ، نعم (عيد)  لأن العيد هو الفرحة بالشيء ، ففي هذا اليوم لاحظنا وجوه جميع السكان تنير بالبهجة  والسرور ، يحتفلون يغنون يرقصون يأكلون يشربون يلبسون أحسن اللباس ؛ والنساء تتزين بأجمل الحلي تكسوا أيديهن وارجلهن بالاساور والخلاخيل ، اي نظرية زميلي القاضي (عثمان مهاجر ) مطبقة بالحرف الواحد (نظرية الفورفوبلباتية) . 

 ومن أعاجيب هذه المدينة التي لا تعد ولا تحصى ، رأيت شبابا لا تسترهم إلا أوراق الشجر ، لا يتكلمون ولا ياكلون ولا يشربون ، فسألنا عن ذلك ؛ من هم  هؤلاء الشباب ، هل رجع بنا الزمن إلى الوراء ، أو أن إشاعة مثلث  منطقة (برمودا ) اصبحت حقيقة ، ونحن لا نشعر ، "الله" ،  أم هل رجع بنا الزمن للعصور الوسطى ؟ أسئلة كثيرة، 



Pour toute information, contactez-nous au : +(235) 99267667 ; 62883277 ; 66267667 (Bureau N'Djamena)