تشهد مختلف المدن التشادية، خلال مواسم التخرج، توسعًا ملحوظًا في حجم وطبيعة الاحتفالات التي ينظمها الطلاب. فقد تحولت هذه المناسبة من نشاط أكاديمي محدود إلى فعاليات اجتماعية واسعة النطاق، تشمل مواكب احتفالية، حفلات خاصة، جلسات تصوير ضخمة، وتنظيم تجمعات في الساحات العامة والمعالم الرئيسية.
وخلال الأعوام الأخيرة، خرجت احتفالات التخرج عن إطارها التقليدي داخل المؤسسات التعليمية، وامتدت إلى الشوارع والأماكن المفتوحة. ويرافق ذلك انتشار واسع للملابس الاحتفالية، والزينة، والتصوير الاحترافي، إضافة إلى الحفلات ذات التكلفة المرتفعة، ما يعكس بروز توجه اجتماعي جديد نحو تضخيم قيمة الحدث.
وتعود هذه الظاهرة إلى اعتبارات ثقافية واجتماعية متعددة، إذ يحتل التعليم مكانة رمزية لدى العديد من الأسر باعتباره وسيلة لتحسين الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. كما يسهم الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في دفع الطلاب إلى إبراز احتفالاتهم بصورة لافتة، مما يخلق طابعًا تنافسيًا غير مباشر في مظاهر الاحتفال.
كذلك تلعب التحولات الاجتماعية في المدن الكبرى دورًا في تعزيز الميل نحو أنماط احتفالية أكثر اتساعًا، لا سيما بين فئة الشباب التي تميل إلى إبراز هويتها وإنجازاتها.
ويرافق هذا التوسع ارتفاع ملحوظ في التكاليف المرتبطة بالاحتفالات، مثل استئجار القاعات، وتجهيز الديكور، واقتناء الأزياء والإكسسوارات، وخدمات التصوير. ويشكّل هذا الواقع عبئًا إضافيًا على العديد من الأسر، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية تتسم بعدم الاستقرار والتفاوت الاجتماعي.
وفي محاولة للحد من هذه الظاهرة، تسعى بعض المؤسسات التعليمية إلى تنظيم احتفالات رسمية جماعية، بهدف تقليص الإفراط في الفعاليات الفردية. غير أن تأثير هذه المبادرات يظل محدودًا، في ظل استمرار تنظيم الاحتفالات خارج الأطر الرسمية وبطرق شخصية لا تخضع لأي رقابة.
وقد تزايدت في الآونة الأخيرة النقاشات حول ضرورة ضبط حجم احتفالات التخرج، وتوجيه الطلاب نحو ممارسات أكثر اعتدالًا. كما برزت دعوات لتشجيع نماذج احتفالية جماعية أو منخفضة التكلفة، مع التركيز على البعد الأكاديمي للمناسبة بدلًا من المبالغة في المظاهر الاجتماعية.
وفي المحصلة، تعكس المبالغة في احتفالات التخرج حيوية المجتمع التشادي وتطلعات شبابه، لكنها تكشف في الوقت ذاته عن ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة. وبين القيمة الرمزية للإنجاز الأكاديمي ورغبة الأفراد في التعبير عن الفخر، تبقى الحاجة ملحّة لإيجاد توازن يحفظ للمناسبة معناها دون تحميل الأسر أعباء تفوق قدرتها.
Menu
المبالغة في احتفالات التخرج في تشاد… ظاهرة اجتماعية آخذة في الاتساع وتثير الجدل








