تتزايد مؤشرات الفقر والبطالة في صفوف الشباب التشادي بصورة لافتة خلال السنوات الأخيرة، لتتحوّل هذه الظاهرة إلى واحدة من أخطر المشكلات الاجتماعية التي تهدّد استقرار آلاف الأسر، وتلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل البلاد. وتشير المعطيات المتداولة لدى المؤسسات المحلية إلى اتساع الفجوة بين طموحات الشباب وقدرة سوق العمل على استيعابهم.
وفي مشهد يتكرّر يوميًا في شوارع العاصمة نجامينا، يقف عشرات الشباب على الأرصفة حاملين شهاداتهم الجامعية أو مهاراتهم البسيطة، في انتظار فرصة عمل قد لا تأتي. وبينما تتقلّص فرص التوظيف الحكومي، تبقى إمكانات القطاع الخاص محدودة، وعاجزة عن استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين.
يقول أحد الشباب:
«نحن لا نبحث عن وظائف مريحة، نريد فقط فرصة نُثبت بها قدراتنا ونبني بها مستقبلنا».
أسباب متشابكة تزيد الوضع تعقيدًا
يرى مختصون أن الأزمة لا تقتصر على نقص الوظائف فحسب، بل ترتبط بعدّة عوامل متداخلة، من أبرزها ضعف البنية الاقتصادية، وغياب الاستثمار في القطاعات الصناعية، وتراجع جودة التعليم، إلى جانب التغيرات المناخية التي أثّرت سلبًا على القطاع الزراعي، وهو أحد أهم مصادر الدخل في البلاد.
كما يسهم النمو السكاني المرتفع في زيادة الضغط على سوق العمل، إذ يدخل آلاف الشباب سنويًا إلى سوق يعاني أصلًا من محدودية فرص التشغيل.
تداعيات اجتماعية خطيرة
يدفع تفاقم البطالة أعدادًا كبيرة من الشباب إلى الهجرة نحو المدن الكبرى، أو التفكير في مغادرة البلاد نهائيًا بحثًا عن فرص أفضل. كما لوحظ ارتفاع في معدلات الجريمة، والإدمان، والعنف الأسري، وهي ظواهر غالبًا ما تترافق مع الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وتحذّر منظمات محلية من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى حالة إحباط جماعي في أوساط الشباب، الأمر الذي سينعكس سلبًا على مسار التنمية والاستقرار الاجتماعي في تشاد.
محاولات للبحث عن حلول
خلال السنوات الأخيرة، أطلقت الحكومة بعض المبادرات لدعم المشاريع الصغيرة وبرامج التدريب المهني، غير أن هذه الجهود لا تزال محدودة مقارنة بحجم التحديات المطروحة. وفي المقابل، تدعو منظمات المجتمع المدني إلى تبنّي إستراتيجية وطنية شاملة وطويلة المدى تقوم على:
خلق فرص عمل جديدة ومستدامة،
تحسين جودة التعليم والتكوين المهني،
تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي،
دعم القطاعات الإنتاجية، وخاصة الزراعة والصناعة.
مستقبل الشباب… مستقبل تشاد
تبقى معضلة الفقر والبطالة في صفوف الشباب التشادي قضية ملحّة تتطلب تحرّكًا جادًا وسريعًا قبل أن تتحوّل إلى عبء اجتماعي يصعب احتواؤه. فالشباب هم عماد المستقبل، وأي تأخير في تمكينهم هو تأخير في بناء تشاد المنشودة التي ينشدها الجميع.
Menu
الفقر والبطالة في تشاد: شبابٌ يكافح من أجل الأمل والمستقبل








